قبل يومين تقريباً نشر الأستاذ فتحي بن لزرق على صفحته الرسمية الصورة الوهمية للمناضلة الجنوبية ريهام المنصوري والتي شغلت المتابعين على مدى بضع سنوات بمنشوراتها الثورية التي ستستعيد بها الأندلس الجنوبي المفقود وكان لها من المتابعين الذكوريين اعداد لا حصر لهم،
وقد ذكر الأخ فتحي تفاصيل هذا الحساب الوهمي الذي شغل الشارع الجنوبي وأنّ منشأه قد كان في احدى عزب المغتربين ولقي رواجاً شديداً من خلال صورة تلك المرأة الفاتنة العينين والتي أكاد أجزم أنها ليست جنوبية ولا تمت للجنوب بصلة قرابة أو نسب،
وقد بلغ الهيام بها لدى من يعانون الجفاف العاطفي أن انهالت عليها التبرعات من كل حدبٍ وصوب وبمبالغٍ كبيرة جداً كما ذكر الأخ فتحي وكلها تصب في حساب صاحب العزبة العاطل عن العمل، وخشية أن يكتشف أمره سافر الى بلاد العم سام وأصبح ناشطاً رسمياً له حسابه الخاص، وقد يجد طريقه مفروشاً بالورود ليرتقي مرتقىً صعباً في سلّم مناصب الشرعية المتاحة لأمثاله والتي كثيراً ما كان يصفها وزملاؤه بأنها شرعية الاحتلال،
ولهذا لابد من دفن الدكتورة أوهام ويحثو التراب الافتراضي على قبرها المزعوم في احدى مقاطعات المانيا بعد أن تعرّضت لحادث سير مروّع جعلها اشلاءً ممزقة، فتناقل خبر موتها أصحاب الجفاف العاطفي وذرفوا عليها الدموع حتى وصل الأمر لدى بعضهم أن قاموا بتأدية مناسك العمرة عن الفقيدة الدكتورة أوهام لترتقي في عليين،
ولو أن القبر كان قريباً لذهبوا لزيارته لقراءة الفاتحة على روحها الطاهرة وليضعوا عليه أكاليل من الزهور،
هذه القصة التي ذكّرنا بتفاصيلها الدقيقة الأستاذ فتحي جعلني اعود بالذاكرة الى سنوات بداية نشاطات الحراك الجنوبي والذي تفاعل معه بعض المغتربين حينها لأسباب عديدة يطول شرحها وحينها لم تكن الهواتف الذكية في متناول الأيدي ولا برامج التواصل الاجتماعي التي اجتاحت الفضاء الافتراضي قد ظهرت، كلما في الأمر هناك مواقع توجد بها منتديات للحوار عبر الشات وكان التعامل معها عبر أجهزة الكمبيوتر واللاب توب الغالية الثمن في ذلك الوقت،
ومن خلال هذه المنتديات نشط الناشطون وبالذات في مواقع اغترابهم سواءً في دول الجوار أو ممن تجاوز المحيطات والبحار في بلدان الديمقراطيات المتعددة، ورأينا الأسماء الثورية المستعارة بكل أنواعها ممن تحمل صفة الذكورة أو الأنوثة والأخيرة تجد رواجاً بالذات عند أصحاب الجفاف العاطفي كما أسلفت ويظنون أنها حقيقة ولهذا سرعان ما يقعون في حبائل الشيطان الذكر الذي ينتحل اسم أنثى سواء كانت أوهام أو عبير أو رحيق وغيرها من الأسماء الجاذبة،
ويا سلام لو عاد حرف الدال أمام ذلك الاسم فبه سيرتقي الى العلياء، وقد كان لي مقال ذات يوم تطرقت فيه الى بعض هذه الحالات تحت عنوان (الرجال النساء)،
أما رابط الاستشهاد في منتحلي اسم ريهام أو أوهام
ومع اهتمامنا بموضوع القضية الجنوبية ونشاطات الحراك السلمي الجنوبي في ذلك الوقت ونشاطي الكتابي التوعوي حينها، فقد طلب مني أحد قادة الحراك عندما اسافر التعرف على أحد الناشطين الداعمين للحراك من بُعد،
وبالفعل اتصلت عليه ودعاني لتناول طعام العشاء مع أحد زملائه في أحد المطاعم القريبة من عمله،
وحقيقة كان مقتصداً ولم يكن متكلفاً فقد كانت حبة دجاج شواية ونفرين رز كافية لنا الثلاثة،
ثم انتقلنا الى العزبة وهناك كانت المفاجأة بالنسبة لي وجود ستة أجهزة لاب توب حقيقة لم تكن بحالة جيدة لكن كلها مربوطة بشبكة الانترنت ومفتوحة الشاشات هذا على منتدى المجلس اليمني وهذا على الضالع بوابة الجنوب وآخر على موقع ثالث ورابع، فجلس صاحبي على المتكأ يرد على هذا في هذه الساحة باسم وعلى الثانية بمعرف آخر ويرد على رده الأول برد آخر معارض تماماً وباسم ثاني ويحتدم النقاش والسب والشتم والقذف والعرعرة بين كل المعرفات ومن خلال الستة الأجهزة في العزبة وللشخص ذاته،
حقيقة أصبت بذهول وما صدقت بزوغ الفجر وطلوع الشمس حتى استأذنته بالانصراف،
فقلت في نفسي أي نضال هذا؟ وأي جنوب قادم يبشر به أمثال هؤلاء؟ ولهذا لم استغرب من قصة أوهام وصويحباتها ولكنني أتألم على حال من يصدقونهم لأن حماقة هؤلاء تنعكس على العامة فيصبح لدينا آلاف الخرفان بدلاً من خروف واحد.