آخر تحديث :الإثنين-28 أبريل 2025-02:55م

فلسطين في وجدان وذاكرة عدن

السبت - 01 يونيو 2024 - الساعة 09:12 م
فؤاد مسعد

بقلم: فؤاد مسعد
- ارشيف الكاتب


ذَهَبْنَا إلَى (عَدَنٍ) قَبْلَ أَحْلاَمِنَا، فَوَجَدْنَا القَمَرْ
يُضِيءُ جَنَاحَ الغُرابِ
التَفَتْنَا إِلَى البَحْرِ، قُلْنَا: لِمَنْ
لِمَنْ يَرْفَعُ البَحْرُ أَجْرَاسَهُ،
ألِنَسْمَعَ إِيقَاعَنا المُنْتَظَرْ؟
ذَهَبْنَا إِلَى (عَدَنٍ) قَبْلَ تَارِيخنَا، فَوَجَدْنَا اليَمَنْ
حَزِينًا عَلَى امْرئِ القَيْسِ، يَمْضَغُ قاتًا، وَيَمْحُو الصُّوَرْ
(محمود درويش)

في مدينة عدن يُطلق اسم الشهيد الفلسطيني (غسان كنفاني) على واحدٍ من أقدم الأحياء السكنية شمال المدينة، وسُمّيت أشهر وأهم قاعة للاحتفالات الرسمية في عدن بـ(قاعة فلسطين)، وفي منطقة (الشيخ عثمان) الواقعة شمال عدن يوجد (شارع غزة)، كما تسمّى إحدى حارات عدن في منطقة (المنصورة) بـ"وديع حداد"، القيادي البارز في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي كان يأتي عدن في سبعينيات القرن الماضي ويستقر فيها بين فترة وأخرى.
شاءت الأقدار أن تربط بين القضية الفلسطينية ورموزها وأعلامها وأحداثها وبين الذاكرة والوجدان الجَمْعي لمدينة عدن، كبرى محافظات الجنوب اليمني، ولقد تزامن نشوء العلاقة بينهما منذ العام 1967، العام الذي شهد نكسة الخامس من حزيران/ يونيو، في فلسطين، وفي أواخره تم إعلان الاستقلال الوطني لجنوب اليمن وتحريره من الاحتلال البريطاني الذي ظلّ جاثمًا عليه 129 سنة.
عزّز الاحتلال الإسرائيلي وجوده ووسّع رقعة السيطرة على الأراضي الفلسطينية في أعقاب هزيمة حزيران 1967، إلى جانب احتلاله مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة وأجزاء واسعة من سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، فيما باتت عدن وبقية مناطق جنوب اليمن مستقلة تحكمها "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن"، الفرع اليمني لحركة القوميين العرب، الحركة التي شارك في تأسيسها طلابُ الجامعة الأمريكية في بيروت، أمثال: محسن إبراهيم، هاني الهندي، أحمد الخطيب، جورج حبش، والأخير أسس بعد ذلك الفرعَ الفلسطيني لحركة القوميين العرب، ثم أسس مع قيادات فلسطينية أخرى (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، وسيغدو أحد القادة السياسيين الذين ارتبطوا بعدن وحكّامها فترة طويلة من الزمن.
حين كانت حركة القوميين العرب تعيش تبعات هزيمة القومية العربية في حرب العام 67، كان فرعها في اليمن يضع اللمسات الأخيرة لإنجاز الاستقلال الوطني عن بريطانيا- الداعم الأبرز للاحتلال الإسرائيلي، بدءًا بوعد بلفور المشؤوم في نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، ومرورًا بالتسهيلات المستمرة للعصابات اليهودية وتمكينها من احتلال أرض فلسطين إبان الانتداب البريطاني لفلسطين، وليس انتهاء بتسليم فلسطين لتلك العصابات التي جرى تجميعها من مختلف دول العالم.
أواخر ستينيات القرن العشرين، أصبح التوجه الماركسي هو المسيطر على حركة القوميين العرب، وكذلك الحال في الفرع اليمني الحاكم في عدن: الجبهة القومية، ومن هنا بدأت العلاقات تتعزّز بين النظام الحاكم في عدن من جهة، والقيادات الفلسطينية واللبنانية في حركة القوميين العرب بشكل عام، ومختلف فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص الفصائل ذات التوجه اليساري، وفي مقدّمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بزعامة نايف حواتمة.