آخر تحديث :الثلاثاء-29 أبريل 2025-04:39م

معركة بدر والتحولات الكبرى في تاريخ الإسلام

السبت - 22 مارس 2025 - الساعة 02:12 ص
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب



لم يكن يوم ( السابع عشر من رمضان للسنة الثانية للهجرة ) الموافق ( ( 13 /3/ 624م )

يوماً اعتيادياً في حياة المسلمين ،،،

بل كان يوماً مفصلياً في تاريخ البشرية جمعاء .


إنه ذلك اليوم الذي سطر فيه المسلمون تاريخاً جديداً ، وأعلنوا فيه ولادة حياة جديدة ، وسجلوا فيه وفاة نظاماً إجرامياً كهنوتياً ، وأبلغوا من خلاله نهاية حقبة تاريخية عفنة من حياة البشرية .


إنَّه يوم الفرقان ..

أجل سمَّاه ربنا في كتابه ب ( يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) .

إنَّه يوم ....فرق الله فيه بين الحق والباطل ، بين الخير والشر ، بين نظام ظلامي ، ونظام تنويري .


لذلك سجل الله أحداث تلك المعركة - بكل تفاصيلها - بآيات تُتلى إلى يوم القيامة ..


قال تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة


لقد كان النصر في بدر بنكهة المعجزة ...

ذلك أنه تم بغير أدوات النصر المادية المألوفة في ميزان الصراع !!!


فليس هناك وجه للمقارنة بين الفريقين..لا من حيث العدد ، ولا من ناحية العدة ، ولا من جانب الإعداد النفسي ، والبدني.


ضف إلى ذلك أنَّ تلك النبتة التي يرعاها رسول الله لا تزال غير مستقرة ، ولمَّا تتعمَّق جذورها في التربة بعد .

وفي الوقت ذاته لا يزال منافقو المدينة ، ومشركوها ، ويهودها ....يتربصون بهم ، ويتحينون فرصة الإنقاض عليهم .


ولك أن تتأمل تلك الصورة المفزعة ، ولك أن تتخيل ذلك الموقف الصعب ...

ثلاث مائة مسلم ليس لهم مدد ، وليس منعة ، وليس لديهم عدة وعتاد إلا ما في أيديهم .

ولم يخرجوا من المدينة - إبتداءً - لخوض المعركة ، وإنما خرجوا طلباً لقافلة قريش ، ويظنونها غنيمة باردة ...


هذا هو مرادهم ، وتلك هي حقيقية القوم ...

ولكن الله أراد شيئاً آخر ، وقضى أمراً مختلفاً .

أراد المسلمون الغنيمة ...وأراد الله أن تكون ملحمة تاريخية يقرأها المسلمون كل حين ، ويفزعون إليها عند الشدائد .


قال تعالى ؛( ولقد نصركم الله ببدر ) .

الله وحده هو الذي حدد المعركة ، وهو من حدد موقعها ، وهو الذي اغرى الطرفين بضرورة خوضها ، وهو الذي أدارها ، وهو الذي حقق النصر .


قال تعالى: ( إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ).

وكانت تلك أول بوادر النصر ...

أرسل الله لهم مددأ من عنده ( ألف ملك )

وأمرهم أن يقاتلوا مع المسلمين.

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ .

وقال تعالى: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .

ثم ختم أحداث تلك المعركة بقوله :

وما النصر إلا من عند الله .


هكذا شاءت أقدار الله أن تدار تلك المعركة التي

أحتاج المسلمون فيها إلى نصف نهار فقط ...

وفي تلك المدة الزمنية القصيرة حصدوا رؤوس الشرك وقادة الكفر..

فكانت النتيجة مقتل ( سبعين من المشركين ، وأسر مثلهم ) وهرب الآخرون تاركين وراءهم

غنائم كثيرة .


وهكذا هي خاتمة البطر ، وهكذا هي نهاية التبجح ، وهكذا هي نتيجة الكبر والغرور ، وهكذا هي سنة الله في الصراع بين الحق والباطل .


فأبو جهل ....

وقف في وجهه العقلاء من قومه ، وحالوا أن يثنوه عن خوض المعركة ...

إلا أنَّ الكبر والبطر منعه من الإصغاء لناصحيه...

فكان نتيجة ذلك ...مصرعه ومصرع قادة قريش ، وهزيمة تاريخية ساحقة لمشروعه الظلامي ، وولادة تاريخ جديد للبشرية جمعاء .


وهكذا ينبغي أن نستلهم الدروس من تلك المعركة ...خاصة ونحن نرى القطرسة التي يمارسها( النت ياهو ) مع شعبنا الأعزل في غزة ...


وكأن التاريخ يعيد نفسه ، وكأن الصورة هي هي نفسها اللحظة تتحرك أمام أعيننا ...لتعيدنا إلى

ذلك التاريخ السحيق ، وابو جهل منتفش ، ويقول بلسان الكبرياء :( لنشربنَْ الخمر ، ولنضرب الدفوف ،ولتغني الغيان...حتى تسمع بنا العرب ...فلا تزال تهابنا )

فكانت النتيجة أن قُطِعَ راسه وحمله ابن مسعود

ليلقيه بين يدي رسول الله.


والنتن ياهو اليوم . ..يكرر الغطرسة ، ويريد أن يُسمع به العالم أنه الأقوى ..

لذلك يستخدم كل طاقته العسكرية يظن أنه سيقضي على مقاومة غزة...

ويبدو أنَّ الأقدار تسوقه إلى حتفه .


ذلك أنَّ المقاومة قد حزمت أمرها ، وعزمت على مقاومة عصابة النتن ياهو ، وهم قد فوَّضوا أمرهم إلى رب السماء ، وقطعوا الرجاء من بشر الارض ، وكلهم أمل ، وكلهم رجاء في نصر الله ، وهزيمة المشروع الصهيوني.