آخر تحديث :الثلاثاء-29 أبريل 2025-04:47م

لعلكم تتقون ،،

الجمعة - 07 مارس 2025 - الساعة 09:18 ص
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


هذه هي الغاية العظيمة المرجو تحقيقها من أداء فريضة الصوم .


إنها التقوى ....

هو ذلك الشعور الذي يستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة ، طاعة لله ، وإيثاراً لرضاه .

هو ذلك الأثر الطيب الذي يجده المسلم ....في سلوكه ، وأخلاقه ، وأفعاله ، وأقواله ، وحركاته ، وسكناته ، وخلواته ، وجلواته .


إنها التقوى ..

التقوى التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعاصي ، ولو تلك التي تهجس في البال .

والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله ، وقيمتها، ووزنها في ميزانه .

فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم ، وهدف عظيم يسعون للوصول إليه .

ولذلك كان الصوم أداة من أدواتها ، وطريق موصل إليها ، ومن ثم يرفعها السياق أمام أعينهم هدفا وضيئاً يتجهون إليه عن طريق الصيام ( لعلكم تتقون ) .


لذلك كانت التقوى هي المقياس لعلاقة المسلم بربه ، فهي الضابطة لسلوكه ، الموجِّهة لتصرفاته ، المتحكِّمة في أفعاله وأقواله .

إنها كلمة جامعة لكل الفضائل ، والقيم ، والأخلاق الحميدة.


ولهذا لما مدح ربنا رسوله لم يزد على أن قال : (وإنك لعلى خلق عظيم) .

وكأن الأصل لهذه الأخلاق كلها هو التقوى .

يقول الرافعي : ' لا يمكن تفسير التقوى على التحديد والتعيين، في كلمة تستوعب كل معانيها وما يتصل بها، إلا كلمة واحدة هي الْخُلُقُ الثابت "


لهذا قيل:

                                     

"لا إيمان لمن لا تقوى له "


فالأمة التي يتميز أفرادها بفضيلة التقوى تكون ثمرتها....

تلك الصفات الاجتماعية الراقية ، والتي تتبلور في إحياء مفاهيم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وتظهر في إشاعة قيم الحرية ، والعدالة ، والمساواة ، والحكم الرشيد ، وتتبدى في التحلي بفضائل الحب ، والتراحم ، والتعاضد ، والإيثار ، وغيرها من القيم الاجتماعية النبيلة .

وكل تلك القيم ، وكل تلك الفضائل ، وكل تلك الأخلاق ....جَسَّدها جيل الصحابة في واقع حياتهم ، ذلك الجيل الفريد الذي استحق - وبجدارة - وسام الشرف من الحق تبارك وتعالى الذي قال فيه :

" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"


إنها التقوى . . حساسية في الضمير ، وشفافية في الشعور ، وخشية مستمرة ، وحذر دائم ، وتوق لأشواك الطريق .

طريق الحياة . .. الذي تتجاذبه أشواك الرغائب والشهوات ، وأشواك المطامع والمطامح ، وأشواك المخاوف والهواجس ، وأشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك إجابة رجاء ، والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعا ولا ضرا ... وعشرات غيرها من الأشواك .