آخر تحديث :الإثنين-28 أبريل 2025-01:55ص
ملفات وتحقيقات

أزمة مزمنة تهدد استقرار الحكومة.. كهرباء عدن تشيع إلى مثواها الأخير

الأحد - 27 أبريل 2025 - 07:38 م بتوقيت عدن
أزمة مزمنة تهدد استقرار الحكومة.. كهرباء عدن تشيع إلى مثواها الأخير
((عدن الغد))خاص.

تقرير/ عبدالله جاحب:


تشهد العاصمة المؤقتة عدن واحدة من أخطر أزمات الكهرباء في تاريخها الحديث، حيث انهارت الخدمة بالكامل تقريباً، محولة الحياة اليومية للمواطنين إلى كابوس.


تفاقمت الأزمة بعد حرب 2015، لكن جذورها تعود لعقود من الإهمال والفساد، بينما تحولت إلى ورقة ضغط سياسية بين الأطراف المتحكمة بالمشهد السياسي اليوم.



التحدي الأبرز لحكومة بن مبارك


حكومة الدكتور أحمد بن مبارك تواجه الآن اختبارا مصيريا: إما حل الأزمة أو الانضمام إلى قائمة الحكومات الفاشلة التي سبقتها، يقول مواطنون.


يأتي ذلك مع نذر لتصاعد الغضب الشعبي، وتساؤلات تبرز هنا وهناك عن إمكانية إنقاذ المدينة من عصر ظلام جديد.



الواقع المرير.. عدن مدينة الظلام


لم تعد عدن تلك المدينة التي وُصفت بـ "لؤلؤة الجزيرة العربية"، بل تحولت إلى مسرح للفوضى مع انهيار الكهرباء، ووفقاً لبيانات محلية، انخفضت ساعات التغذية الكهربائية إلى أقل من 4 ساعات يومياً في أغلب الأحياء.


ومنذ أن أصدرت منظمة "أطباء بلا حدود" تحذيرا في يناير 2024 يشير إلى أن 60 % من المستشفيات العامة تعمل بنسبة 30 % من طاقتها بسبب انعدام الكهرباء، والوضع على حاله يتكرر كل صيف مع غياب الحلول المستدامة.


التجارة تلفظ أنفاسها الأخيرة


يتسبب انقطاع الكهرباء المستمرة بإغلاق المنشآت الصغيرة، وارتفاع معدل البطالة، وحتى سوق التجزئة لم تسلم، فالطلب على الثلاجات المنزلية ينخفض بنسبة كبيرة، لأنها أصبحت "قطع ديكور عديمة الفائدة"، وفقاً لتاجر أجهزة كهربائية.



إهمال وفساد يغذي الظلام


تعتمد المدينة على 4 محطات رئيسية بنيت بين 1960 - 1980، مع كفاءة لا تتجاوز 20 % من طاقتها التصميمية، أما أضرار الحرب الأخيرة 2015م، فقد ألحقت أضرارا كبيرة على محطات التوزيع الفرعية عام 2015، وفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.


وكشفت تحقيقات برلمانية عام 2023 عن صفقات وهمية لصيانة المولدات بقيمة 12 مليون دولار، حيث تم تحويل الأموال إلى حسابات خارجية، كما أن كميات من إمدادات الوقود المخصصة للمحطات تهرب إلى السوق السوداء، كما ذكرت ذلك تقارير محلية في وقت سابق.



أزمة الكهرباء.. سلاح سياسي


ويرى مواطنون، أن أزمة الكهرباء تستخدمها قوى سياسية، كأداة عقاب جماعي ضد أبناء المدينة، بالإضافة إلى أنه قد يتواطأ "مسؤولون محليون" مع تجار الطاقة المشتراة، وملاك المولدات الخاصة لتحقيق أرباح طائلة، مما يعمق من هذه الأزمة أكثر وأكثر.


وعود حكومية ولا جديد


أعلنت الحكومة في أكتوبر 2023 عن "مشروع إصلاح الكهرباء" بميزانية 50 مليون دولار، يتضمن:


استبدال 30 % من الشبكة القديمة، وتركيب 20 ألف لوحة شمسية، وشراء 10 مولدات عملاقة، لكن لم يتحقق من كل تلك الوعود شيئا حتى اللحظة.


وكل ذلك يأتي مع ارتفاع معدلات الهجرة الداخلية إلى المدينة، بنسبة 40 % منذ بداية الأزمة، وفقاً للمفوضية السامية للاجئين.



ساعة الحسم


عدن تقف عند مفترق طرق، إما أن تشهد عملية إنقاذ عاجلة تعيد إضاءة شوارعها، أو تتحول إلى نموذج لمدينة عصرية عادت إلى عصور الظلام. وبينما تشيع اليوم "كهرباء عدن" إلى مثواها الأخير، يبقى السؤال الأكبر: من سيكون الضحية التالية في هذه المأساة الإنسانية التي حوّلت حياة المواطنين إلى معركة يومية للبقاء؟




__________________