دعت الأمم المتحدة الهند وباكستان إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" بعد يومين من تصاعد التوترات بين البلدين، شملت تعليق تأشيرات وطرد دبلوماسيين وإغلاق الحدود، منذ هجوم الثلاثاء على سياح في كشمير حيث تبادلت القوتان النوويتان إطلاق النار لفترة وجيزة في وقت مبكر صباح الجمعة.
وقال المسؤول في الشطر الباكستاني من كشمير سيد أشفق جيلاني لوكالة فرانس برس الجمعة "وقع تبادل لإطلاق النار بين موقعين في وادي ليبا خلال الليل، ولم يتم استهداف السكان المدنيين والحياة مستمرة والمدارس مفتوحة".
وأكد الجيش الهندي وقوع إطلاق النار بأسلحة صغيرة قائلا إن باكستان نفذته، وأنه "رد عليه بفعالية".
وكانت الهند طلبت صباح الخميس من كل الباكستانيين المقيمين في الهند مغادرة أراضيها بحلول 29 أبريل/نيسان، على ما أعلنت وزارة الخارجية الهندية، بعد هجوم عنيف حمّلت إسلام أباد المسؤولية عنه، على خلفية مقتل 26 شخصاً في هجوم مسلح استهدف موقعاً سياحياً في منطقة بيهالغام الجبلية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية الأربعاء
وأعلنت الباكستان إغلاق الحدود والمجال الجوي مع الهند ووقف التجارة مع جارتها، إلى جانب طرد كل الدبلوماسيين الهنديين وتعليق منح التأشيرات، في تصاعد مستمر للأزمة بين البلدين منذ صباح الخميس.
فيما شملت الإجراءات التي اتخدتها الهند خلال الساعات الماضية، إغلاق المعبر الحدودي الرئيسي الذي يربط البلدين، وتعليق اتفاقية تقاسم المياه التاريخية بينهما، وطرد عدد من الدبلوماسيين الباكستانيين، إضافة إلى إمهال بعض حاملي التأشيرات الباكستانية 48 ساعة لمغادرة البلاد.
من جانبها، نفت باكستان أي علاقة لها بالهجوم، وأعلنت وزارة خارجيتها أن المسؤولين الباكستانيين سيعقدون اجتماعاً، الخميس، لبحث الرد المناسب على الإجراءات الهندية.
ويُعد الهجوم في بيهالغام من أعنف الهجمات التي شهدتها كشمير في السنوات الأخيرة، ويهدد بتصعيد جديد في العلاقات المتوترة أصلاً بين البلدين الجارين.
كيف تصاعدت الأزمة؟
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
حسابنا الرسمي على واتساب
حسابنا الرسمي على واتساب
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي على واتساب.
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
في أعقاب الهجوم الدموي الذي شهدته بلدة "بيهالغام" في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وجّهت الحكومة الهندية اتهامات مبطَّنة لباكستان، وشرعت بسلسلة من الإجراءات التصعيدية التي تنذر بتدهور أكبر في العلاقات المتوترة أصلاً بين الجارتين النوويتين.
ورغم أن الهند وباكستان تطالبان بكشمير كاملة، إلا أن كلاً منهما يسيطر فقط على جزء منها، وقد خاضتا عدة حروب بسبب الإقليم منذ الاستقلال عام 1947.
واتهمت الحكومة الهندية بشكل غير مباشر إسلام أباد بالمسؤولية، مشيرة إلى أن دعم الجماعات المسلحة في كشمير "نهج تتبعه الحكومات الباكستانية المتعاقبة"، وهو ما تنفيه إسلام أباد بشدة.
وأفادت مصادر هندية بأن منظمة تُدعى "مقاومة كشمير" قد تكون خلف الهجوم، دون تأكيد مستقل حتى الآن.
من بين الإجراءات التي اتخذتها نيودلهي:
- تعليق معاهدة نهر السند التي أُبرمت عام 1960، والتي تُعد من أقدم الاتفاقيات المائية بين البلدين، وتنظم تقاسمهما المياه.
- طرد مستشارين عسكريين باكستانيين من السفارة الباكستانية في دلهي، مع طرد دبلوماسيين إضافيين الأسبوع المقبل.
- مطالبة بعض حاملي التأشيرات الباكستانيين بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة.
وفي تعليق لافت، قال وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ: "لن نكتفي بملاحقة من نفّذ هذا الهجوم، بل سنصل إلى من خطّط له من وراء الكواليس".
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الباكستانية إنها "تشعر بالأسف لفقدان أرواح سائحين"، وقدّمت تعازيها، وأعلنت أن مجلس الأمن القومي - أعلى هيئة أمنية في البلاد - سيعقد اجتماعاً طارئاً يوم الخميس لمناقشة المستجدات.
الهجوم، الذي يُعد من أكثر الاعتداءات دموية في كشمير في السنوات الأخيرة، أثار موجة إدانات دولية، وغضباً عارماً في الهند، حيث تحدّث شهود عيان عن مشاهد فوضوية وهروب عائلات بأكملها.
وأشار بعضهم إلى أن المهاجمين استهدفوا غير المسلمين، فيما وصف آخرون إطلاق النار بأنه عشوائي، وتضم قائمة الضحايا غالبية من الرجال الهندوس، إضافة إلى رجل مسلم محلي.
وقال عقيب تشايا، صاحب فندق وعضو غرفة تجارة كشمير، لبي بي سي: "لا يمكننا أن نستوعب أن شيئاً كهذا حصل، وفي المكان الذي نُطلق عليه لقب الجنة على الأرض... منذ عقود يأتي السيّاح إلى كشمير، ولم يمسّهم أحد من قبل".
تاريخ الخلاف بين الدولتين على كشمير
منذ تقسيم الهند وإنشاء باكستان في عام 1947، خاض البلدان الجاران المسلحان نووياً حربين بسبب إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة، والذي يطالب كل منهما بالسيادة الكاملة عليه، رغم أن كلاً منهما يسيطر فقط على جزء منه.
ويُعد الإقليم، الذي تخضع أجزاء منه أيضاً لإدارة الصين، من أكثر المناطق عسكرة في العالم، وفي عام 2019، ألغى البرلمان الهندي الوضع الخاص للإقليم، والذي كان يمنحه قدراً من الحكم الذاتي.
كما جرى تقسيم الإقليم إلى منطقتين تتم إدارتهما اتحادياً من قبل الحكومة المركزية، ومنذ ذلك الحين، دأبت الحكومة الهندية على التأكيد بأن الوضع الأمني قد تحسّن، وأن التمرّد ضد الحكم الهندي قد تراجع.
إلا أن منتقدين عادوا للتشكيك في هذا الادعاء الحكومي بعد الحادث الدموي الذي وقع يوم الأربعاء.
صراع مستمر منذ 1947
بعد استقلال الهند وباكستان عن الحكم البريطاني في عام 1947، مُنح الحكّام السابقون للولايات الأميرية حق اختيار الانضمام إلى الدولة التي يفضلونها.
وكان مهراجا كشمير، هاري سينغ، حاكماً هندوسياً لإقليم ذي غالبية مسلمة، يقع بين البلدين، ولم يتمكن من اتخاذ قرار، فقام بتوقيع اتفاقية "تجميد مؤقت" مع باكستان، بهدف الحفاظ على خدمات النقل وغيرها من الأمور الإدارية.
ما هو "ممر السيخ" للسلام بين الهند وباكستان؟
ما هي الديانة السيخية التي يتمسك أتباعها بـ "العمامة"؟
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1947، غزا رجال قبائل من باكستان، كشمير، مدفوعين بتقارير عن اعتداءات على المسلمين، وسخطاً من مماطلة هاري سينغ.
عندها طلب المهراجا المساعدة العسكرية من الهند.
واعتقد الحاكم العام للهند، اللورد مونتباتن، أن السلام سيكون أفضل بانضمام كشمير إلى الهند مؤقتاً، ريثما يُجرى تصويت على وضعها النهائي.
ووقّع هاري سينغ وثيقة الانضمام في ذلك الشهر، متنازلاً بذلك عن السيطرة على السياسة الخارجية والدفاعية للهند.
واستولت القوات الهندية على ثلثي الإقليم، بينما استولت باكستان على الجزء الشمالي المتبقي. وفي خمسينيات القرن الماضي، احتلت الصين الأجزاء الشرقية من الولاية، المعروفة باسم أكساي تشين.
يظل تحديد ما إذا كان قد تم توقيع وثيقة الانضمام أم دخول القوات الهندية أولاً - مصدر خلاف رئيسي بين الهند وباكستان، حيث تصر الهند على أن هاري سينغ وقّع أولاً، ما أضفى شرعية على وجود قواتها.
بينما تصر باكستان على أن المهراجا لم يكن بإمكانه التوقيع قبل وصول القوات، وأنه والهند تجاهلا بالتالي اتفاقية "تجميد الوضع" مع باكستان.