كتب/ ماهر البرشاء.
في زمنٍ تكالبت فيه المِحن على اليمن، وامتدّت فيه أيادي الظلام لتُشوّه هوية الوطن، برزت أصوات لم تخشَ قول الحق، ولم تساوم على ثوابت الدين والوطن، وكان الدكتور محمد شبيبة، وزير الأوقاف والإرشاد، واحدًا من تلك الأصوات التي لم تنحنِ أمام الطغيان، بل واجهت أفكار المليشيات الحوثية من على منابر المساجد، وبكل شجاعة، فضح زيفهم، وكشف خداعهم، وحارب فكرهم الطائفي الذي حاولوا زرعه في عقول الناس.
لم تكن مواجهة الحوثيين سهلة، فهم لا يؤمنون بالحوار ولا يحتملون سماع الحقيقة، لكن شبيبة اختار المواجهة بسلاح الكلمة، الكلمة التي كانت أكثر وقعًا من الرصاص، وأشد تأثيرًا في كشف مشروعهم السلالي الطائفي، لم يتحدث من خلف الجدران، بل اعتلى المنابر، وواجههم من قلب المساجد، من حيث أرادوا أن يفرضوا أفكارهم، ومن حيث سعوا إلى تحويل بيوت الله إلى منصات دعائية لخرافاتهم.
الدكتور محمد شبيبة لم يكن مجرد مسؤول حكومي يتحدث في المؤتمرات، بل كان خطيبًا على منابر المساجد، يوجه الناس، ويوضح لهم كيف حوّلت هذه الجماعة الدين إلى وسيلة للسيطرة، وألبسته رداء السياسة، وحرفت معانيه لخدمة مشروعها الضيق، لم يكن يخشى في الله لومة لائم، ولم يأبه بتهديداتهم، لأن قضيته كانت واضحة: دفاعٌ عن الدين، والوطن، وحمايةٌ لعقول الناس من سموم الطائفية.
كان يعلم أن الحوثيين ليسوا مجرد جماعة مسلحة، بل منظومة فكرية تحاول إعادة اليمن إلى عصور الظلام، تحت شعارات مضللة وعباءات زائفة، لذلك، لم يواجههم بالسلاح فقط، بل واجههم بالحجة، واثبت أن مشروعهم قائم على إستغلال جهل الناس، وعلى تأويل الدين بما يخدم أجنداتهم.
في خطبه وكلماته، كشف كيف أختطف الحوثيون مفهوم "الولاية" وجعلوه وسيلة لتقديس أنفسهم، وكيف حوّلوا "المسيرة القرآنية" إلى طريقٍ للقتل والدمار، وكيف جعلوا منبر الجمعة ساحةً للتحريض والتعبئة الطائفية، بدلاً من أن يكون منبر هدايةٍ وسلام.
ورغم كل التهديدات، استمر شبيبة في فضحهم، لأن معركته لم تكن معركة سياسية فحسب، بل كانت معركة وعي، معركة استعادة العقول التي حاولوا غسلها، والقلوب التي أرادوا أن يملؤوها بالكراهية، والأرض التي سعوا إلى تحويلها إلى سجنٍ كبير.
مواجهة الدكتور محمد شبيبة اليوم للمليشيات الحوثية وفي أوج نزيف اليمن لم تكن مجرد موقف عابر، بل وقفة تاريخية ستظل شاهدةً على أن في هذا الوطن رجالًا لا يقبلون الظلم، ولا يسكتون على الباطل، ولا يساومون على الحق، ومن على المنابر، ستبقى كلماته صرخةً مدويةً في وجه الطغيان، وشعلةً تنير الطريق لمن يبحث عن الحقيقة.
"سيذهب الطغاة، وستبقى كلمة الحق خالدة".