نبه هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن من أن المسار الحالي لليمن يبعث على قلق عميق، مشيرا إلى "أننا نمر بمرحلة تتزايد فيها المخاوف من العودة إلى نزاع شامل".
وفي إحاطته أمام اجتماع مجلس الأمن عن الوضع في اليمن، اليوم الخميس، جدد المبعوث الأممي دعوته للأطراف بالامتناع عن التلويح بالقوة العسكرية واتخاذ تدابير انتقامية قد تعيد اليمن إلى دوامة صراع واسع النطاق، يدفع المدنيون مرة أخرى ثمنه الباهظ.
وقال إن مكتبه يظل عازما على اغتنام أي فرصة لجمع الأطراف معا لإنهاء هذا الصراع الذي استمر لعقد من الزمن، قائلا: "نحن مدينون لملايين اليمنيين بعدم التراجع أو التهاون في التزامنا بهذا الهدف".
وتابع هانس غروندبرغ قائلا: "أرى وأشعر بالإحباط العميق الذي يشعر به الشعب اليمني، الذي لا يزال يتحمل تبعات عقد كامل من الصراع، وأظل متمسكا بقناعتي بأن الحل القائم على المبادئ والحياد هو السبيل الوحيد للمضي قدما".
وقال المبعوث الخاص إنه هو وفريقه يواصلون، دون كلل، انخراطهم الصريح والفاعل مع أصحاب المصلحة اليمنيين والدوليين، ويعملون بشكل مستمر على استكشاف الرؤى والأفكار حول المسار المستقبلي رغم العقبات الكبيرة.
وأوضح أنه أجرى خلال الأسبوع المنصرم محادثات مع كبار المسؤولين في حكومة اليمن والجهات الفاعلة الإقليمية لحثهم على تقديم دعم مشترك ومنسق لعملية سلام شاملة يقودها اليمنيون أنفسهم.
ثلاثة تحديات رئيسية
وجدد المبعوث الأممي تأكيده على أن إنهاء الصراع في اليمن يستوجب التعامل مع ثلاثة تحديات رئيسية:
يجب على الأطراف الاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد، إلى جانب وضع آلية واضحة لتنفيذه.
يتعين عليهم اتخاذ قرارات صعبة ولكن ضرورية، والقبول بتسويات، لا سيما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.
وأخيرا، التأكيد بوضوح على أهمية وجود عملية سياسية جامعة تشمل طيفا واسعا من اليمنيين، لضمان وضع حد نهائي لهذا النزاع وتمكين اليمنيين من العيش بسلام.
ضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين
وبمناسبة شهر رمضان، جدد المبعوث الأممي دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيا، وأضاف:
"بينما يستقبل المسلمون حول العالم شهر رمضان المبارك بالاحتفال، لكن للأسف، تظل الفرحة ناقصة بالنسبة لعائلات العديد من زملائنا المحتجزين تعسفيا لدى أنصار الله. فغياب أحبائهم سيترك أثرا عميقا خلال هذا الشهر والذي يُفترض أن يكون مناسبة للاجتماع والتواصل مع الأسرة. بل إن بعض العائلات ستقضي هذا الشهر مثقلة بالحزن، كما هو حال أسرة زميلنا أحمد من برنامج الأغذية العالمي. كما أن بعض زملائنا فقدوا آباءهم أثناء احتجازهم، دون أن تتاح للآباء فرصة معرفة مصير أبنائهم".
اليوم الدولي للمرأة
وبمناسبة اليوم الدولي للمرأة، تحدث المبعوث الأممي عن الآثار التي يخلفها الصراع على النساء اليمنيات. وقال إن الأمم المتحدة تواصل العمل لضمان مشاركتهن الكاملة والمتساوية والفاعلة في عملية السلام. وأوضح أن مكتبه التقى مؤخرا بمجموعة من النساء القياديات وممثلات المنظمات النسوية من مختلف أنحاء اليمن، حيث شاركن تجاربهن الملهمة، ورؤاهن، والتزامهن الثابت بالدفاع عن حقوق المرأة.
وأكد على الأهمية البالغة والدور الحيوي الذي تلعبه هؤلاء النساء – سواء في تعزيز تمكين المرأة، أو دعم مجتمعاتهن، أو ضمان إدماج المرأة في صنع القرار.
صورة قاتمة
منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة توم فليتشر ركز في إحاطته لمجلس الأمن على وضع النساء والفتيات في اليمن، وتأثير تخفيضات التمويل على حياتهن.
وبمناسبة اليوم الدولي للمرأة في الثامن من آذار/مارس، حذر فليتشر مما وصفها بالصورة قاتمة، مشيرا إلى التأثير غير المتناسب والمدمر على النساء والفتيات اللواتي قال إنهن عانين من التمييز والإقصاء المنهجيين لعقود.
في عام 2021، احتلت اليمن المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وفي عام 2023 احتلت اليمن المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر المرأة والسلام والأمن لمعهد جورج تاون. "لا توجد علامة على التقدم بالنسبة لهن".
وقال المسؤول الأممي إن 9.6 مليون امرأة وفتاة في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، وهن يواجهن الجوع والعنف وانهيار نظام الرعاية الصحية. وتعاني 1.3 مليون امرأة حامل وأم جديدة من سوء التغذية، مما يعرض صحتهن للخطر، ويعرض أطفالهن للأمراض ومشاكل النمو طويلة الأجل.
أعلى معدل وفيات للأمهات في الشرق الأوسط
معدل وفيات الأمهات في اليمن هو الأعلى في الشرق الأوسط، وفقا للمسؤول الأممي، حيث تواجه أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة مخاطر متزايدة من الإيذاء والاستغلال، وفقا للمسؤول الأممي.
وأشار توم فليتشر إلى أن 1.5 مليون فتاة في اليمن لا يزلن خارج المدرسة، مما يحرمهن من حقهن في التعليم ويمنعهن من كسر حلقات التمييز والعنف التي تواجههن. تتزوج ما يقرب من ثلث الفتيات في اليمن قبل سن 18 عاما، مما يسلبهن طفولتهن وتعليمهن ومستقبلهن.
وأضاف توم فليتشر قائلا: "مع تبخر تمويلكم لليمن، ستكون الأرقام في إحاطاتي القادمة أسوأ. ولكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للنساء والفتيات اللواتي يعانين؟ سوف يموت المزيد منهن. وسوف يضطر المزيد منهن إلى اللجوء إلى آليات خطيرة للتكيف: ممارسة الجنس من أجل البقاء، والتسول، والدعارة القسرية، والاتجار بالبشر، وبيع أطفالهن".
مخاطر عمالة الأطفال والزواج المبكر
وقال توم فليتشر إن الاستجابة الإنسانية في اليمن تواجه تخفيضات حادة في التمويل، الأمر الذي يعرض الخدمات المقدمة للنساء الفتيات في جميع أنحاء البلاد للخطر. لقد أجبر تعليق التمويل بالفعل 22 مكانا آمنا على الإغلاق، مما أدى إلى حرمان أكثر من 11 ألف امرأة وفتاة في المناطق المعرضة للخطر من الخدمات والدعم.
وأضاف فليتشر قائلا: "لم يعد بإمكان الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي الوصول إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة والدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية. كما توقفت برامج حماية الطفل، مما أدى إلى ارتفاع مخاطر عمالة الأطفال والتجنيد في الجماعات المسلحة وزواج الأطفال".
نساء اليمن يواجهن أخطارا مضاعفة
استمع مجلس الأمن أيضا إلى إحاطة من السيدة نسمة علي منصور ممثلة مبادرة مسار السلام وشبكة التضامن النسوي، والتي سلطت الضوء على التهديدات التي تواجه النساء اليمنيات من جراء الصراع طويل الأمد وتغير المناخ وتدهور حقوق الإنسان في اليمن.
وقالت إن الصراع المسلح منذ أكثر من عقد من الزمان أدى إلى التدهور البيئي وتفاقم الأزمات المناخية، مشيرة إلى أن هذه التحديات أضعفت مؤسسات الدولة وأدت إلى انهيار أنظمة الحماية الاجتماعية، الأمر الذي خلق انعدام أمن متعدد الأبعاد، تاركا الفئات الضعيفة وخاصة النساء في المناطق الريفية والمهمشة على حافة البقاء على قيد الحياة.
وأوضحت نسمة منصور أن النساء وخاصة اللواتي يرأسن الأسر يتأثرن بشكل مضاعف بتغير المناخ، مشيرة إلى استطلاع خلص إلى أن 88 في المائة من النساء في عدن وحضرموت والمهرة أبلغن عن تراجع سبل العيش بسبب تغير المناخ الذي أضر بأنشطتهن المدرة للدخل مثل استخراج الملح وتجفيف الأسماك والحرف اليدوية.
وبالإضافة إلى ذلك، تقول السيدة نسمة إن الأعراف الثقافية التي تمنع النساء من تعلم السياحة تقلل من فرص نجاتهن مما يجعلهن أكثر عرضة للخطر أثناء الفيضانات والأعاصير.
وقالت إنها سمعت قصصا مؤلمة من نساء من مختلف أنحاء اليمن عن كيف قلب التقاطع بين تغير المناخ والصراع المسلح حياتهن رأسا على عقب. ونقلت عن صيادة يمنية تدعى عائشة قولها: "الأسماك تختفي ونحن مضطرون إلى للخروج إلى مياه أكثر خطورة من أجل البقاء على قيد الحياة".
ودعت الناشطة اليمنية مجلس الأمن إلى التصدي للأزمات المترابطة المتمثلة في الصراع وتغير المناخ والتدهور البيئي في اليمن قبل أن تفاقم هذه التحديات معاناة السكان إلى نقطة اللا عودة، حسبما قالت.