آخر تحديث :الثلاثاء-29 أبريل 2025-05:04م

الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور ،،

الجمعة - 25 أبريل 2025 - الساعة 11:35 ص
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب



هذا عنوان كتاب للدكتور : عبدالرزاق مقري .

والذي يستعرض من خلاله أهم العقبات ، وأبرز الصعوبات التي تقف في وجه حاملي المشروع الإسلامي .


الكتاب قيَّم ، وبحاجة أن يُقرأ بعناية لأهميته

في كيفية التعامل مع تلك العقبات التي تقف في طريق المشروع الإسلامي.


وفي هذه العجالة سنستعرض أبرز تلك التهديات ( الخارجية ) التي تقف عقبة كأداء في طريق السير والتي تتمثل في الآتي :


أولأ : الدولة العميقة .

وأصحاب هذا المشروع تحدث عنهم القرآن الكريم فقال : إنهم لا يكذبونك ، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون .

وهؤلاء هم أصحاب المصالح الشخصية ...

فهم يدركون جيداً صدق ما جاء به رسول الله ، ولكن في الوقت ذاته يعلمون أنَّ تلك الأفكار التي يدعو إليه الدين الجديد ...هي في الأصل تقويض لهيمنتهم الإقتصادية ، والسياسية ، والفكرية ، والإجتماعية والتي من خلالها يسيطرون على عقول الناس ، ويستعبدونهم .

ولذلك هم أول من وقف في وجه الرسول ، وحاولوا بكل ما أوتوا من قوة أن يقتلوا الفكرة في مهدها .


هذا الصنف يمثله اليوم (عتاولة النظام الحالي ، أو الدولة العميقة ) الذين ارتبطت مصالحهم السياسية والإجتماعية ، والإقتصادية ببقاء هذه النظم الفاسدة .

لذلك فهم يرون أنَّ المشروع الإسلامي خطر وجودي على مستقبلهم .

فهؤلاء منطلقاتهم ذاتية ، إنانية ، مصلحية ، لا علاقة لها بمصالح الشعوب !!!

ولكنهم يتخندقون وراء شعارات براقة يدغدغون بها مشاعر السذج من الناس كي تقف سداً منيعاً في وجه المشروع الجديد .


لذلك هم يستميتون في حربهم الشعواء ضد حاملي المشروع الإسلامي ، فيشنون الحملات الدعائية ،وينشرون الإشاعات الكاذبة ، ويوجهون الإعلام للنيل من قادة هذا المشروع الجديد ،وتشويه سمعتهم ، وربما وصل بهم الأمر إلى التصفيات الجسدية .


وتاريخ هذا الصنف ، وأفعاله الدنيئة ، والإجرامية مع المشروع الإسلامي منذ ولادته لا تخفى على أحد ، وما فعلوه مع الرسول ، وصحابته خير شاهد على ذلك ...


وعتاولة اليوم يسيرون على نهجهم ، ويقتفون أثرهم ، ويخطون خطوهم ....لكأنما يلوون عنق التأريخ ليعيدوا عجلة الزمن ، ويكرروا ما فعله أسلافهم بتلك النواة وهي لا تزال في مهدها .


ثانيأ : المشروع الصهيوني.

أصحاب هذا المشروع يعتبرون المشروع الإسلامي نقيض وجودهم تماماً .

ذلك أنَّ وجود مشروع بخلفية دينية عقائدية لا يمكن له أن يغضٌَ الطرف عن المسجد الأقصى ، وتحرير كل فلسطين ، ولا يمكن له أن يدخل في مساومة مع اليهود ألبتة .


ولهذا سيتحالفون مع الدنيا بأسرها حتى لا تقوم قائمة لهذا المشروع .

وهذا هو سر العِداء السافر من قبل الصهيونية العالمية للمشروع الإسلامي.


ثالثأ : الغرب .

والغرب تاريخه مع الدين أليم جداً ..

فلقد عاش الغرب قروناً مظلمة ، وعانى من التخلف ، والفقر ، والجهل ، والمجاعة ، والحروب ...

وحينما استفاق بدايات عصر النهضة أعتقدوا أنَّ الديانة الكاثولوجية المسيحية هي السبب الرئيس لتخلفهم .

لذلك قرروا التخلص منها ومحاربتها عبر مسارين اثنين .


المسار الأول : هو مسار الإصلاح الديني ، والذي يتمثل في مواجهة التدين بالتدين ..

فاخترعوا الديانة ( البروتستانية ) وأفردوا لها علماء دين يتماهون مع الحكٌَام ويشرعون لهم وفقاً لهواهم .

ورفعوا شعاراً عنوانه ( ما لله ..لله ،وما لقيصر ... لقيصر ) ففصلوا الدين عن الدولة ، وعلمنوا الحكم .

فبقيت الكنيسة تؤدي طقوساً جوفاء لا روح فيها ، ولا علاقة لها بمصالح الناس وعمَّقوا تلك المفاهيم في عقول الناشئة حتى صنعوا أجيالاً منفصلة تماماً عن الدين ، بل وتكن العِداء لكل ما له صلة بالتدين .


ولا يزال الغرب حتى هذه اللحظة يعاني من تلك

الأفكار الهدامة ، بل لم يكتفوا بذلك وحسب ....

وإنما أوجدوا لهم طبقة من أبناء المسلمين يتبنون تلك الأفكار ، ويجتهدون في نشرها ، والدفاع عنها .


وهذا ما نلمسه في واقع حياتنا ....

فهناك علماء دين يسبحون بحمد الحكام ، ويشرعون لهم وفقاً لمصالحهم ، ويدعون إلى وجوب طاعتهم تحت أي ظرف من الظروف ، ويقفون إلى جانبهم ، ويدعون إلى حمايتهم .


وفي المقابل هناك شريحة واسعة يدعون إلى الحداثة ، والتطور وووو...

وهم يقصدون بذلك أن نتبع الغرب ، وأن نقلدهم وأن نسير على خطاهم ، وننسلخ من ديننا .


فهاتان الشريحتان تقفان -وبقوة - في وجه أي مشروع حضاري بخلفية دينية ، وذلك لأن مصالحهم مرتبطة ببقاء هذه النظم الفاسدة.


فلا غرابة اليوم أن نرى هاتين الشريحتين ..

كيف يقفون بعنف في وجه المشروع الإسلامي ، ويعارضون كل دعوة للتخلص من هذه النظم الظالمة ، ويرفضون كل صيحة للدعوة إلى الحرية .


المسار الثاني : الدعوة إلى الإلحاد ، ونكران الوحي السماوي .

وكان من نتائج هذا المسار انتشار تيارات ربوبة لا تؤمن بالدين ، وتدعو إلى الإباحية ، والإلحاد ، والكفر..

فهيمنة الراسمالية على العالم بأسره .


لذلك هم يرون أنَّ المشروع الإسلامي يتقاطع مع مصالحهم ، وخطراً على مستقبلهم ..

فالإسلام لا يؤمن بفكرة الرأسمالية إطلاقاً ، ولديه مشىروعه الإقتصادي الخاص به .


ولذلك قرروا محاربة المشاريع ذات الخلفية الإسلامية .


علاوة على ذلك فهناك بعد آخر ينظرون إليه كأخطر تلك الأبعاد على الإطلاق والذي يتمثل في أهمية المنطقة العربية ، وموقعها ( الجيو استراتيجي ) .

فهم يدركون جيداً أنَّ منطقتنا العربية تزخر بالموارد البشرية ، والطبيعية ، ولديها إرثها الديني ، والحضاري .


وقد أثبت التأريخ أنَّ من يتحكم في تلك المنطقة ...يتحكم في العالم .


لذلك تتصارع عليها كل القوى الدولية لإدراكهم بأهمية موقها الجغرافي ، ولكنهم متفقون جميعاً على عدم وصول مشروعات بخلفية إسلامية عقدية .

فهم - جميعاً - يعلمون أنَّ أبرز صفات أصحاب المشروع الإسلامي أنَّهم يتميزون بخصيصة السيادة

وعدم التفريط فيها ، وأنَّ لديهم مشروعهم الخاص بهم ، المنطلق من أسس عقيدتهم ، ومبادىء شريعتهم ، ونهج كتابهم .


لذلك كل تلك القوى تتصارع فيما بينها على مصالحها الخاصة بها ، ويختلفون فيما بينهم إلى درجةالإحتراب ..


لكنهم جميعاً متفقون على وأد كل مشروع بخلفية عقدية إسلامية .


ومن هنا كانت هذه الحرب الشعواء الموجهة لحاملي المشروع الإسلامي.