فُجِعَ الوسط الأدبي ، والثقافي في محافظة أبين يوم أمس برحيل الشاعر ، والأديب محمد ناصر الذلقي الذي وافاه الأجل بصورة مفاجئة.
وبرحيله تفقد أبين واحداً من أبرز شعرائها ، وأدبائها ، ومثقفيها الذين كان لهم درو رائد في الحياة الأدبية ، والثقافية ، وتنوير المجتمع .
لم يحالفني الحظ للجلوس معه كثيراً ، والاستفادة من ثقافته ، وغزارة فكره ، وعلو كعبه في الأدب ، والشعر ، والفن .
لكن ومن خلال تلك اللقاءات العابرة وجدت الرجل مدرسة ....
مدرسة في الأخلاق ، مدرسة في الثقافة ، مدرسة في الأدب ، مدرسة في الشعر ، مدرسة في الفن ، مدرسة في الفكر الراقي ، والشعور النبيل ، والصمت المعبِّر .
لا يحبُّ الكلام الكثير ، ولا يجيد أسلوب التملق ،ولا يتقن وسائل الكذب ، ولا يرغب في طرق أبواب المسؤوليين .
تميز - رحمه الله - بحسن الأدب ، ودماثة الأخلاق ، وخفة الطبع ، ولين الجانب ، وبشاشة الوجه ، وصدق الكلمة ، وجمال البسمة ، وحسن الدعابة.
يمتاز بهدوء عجيب ...
لكن ما أن تجالسه حتى تستشفَ أنَّ ذلك الهدوء
ينطوي على بركان ثائر من الهموم ، والمواجع ، والآهات ، والانات ، والأحلام ، والآمال ، والطموحات ...
يترجمها بأسلوبه الأدبي الرفيع ، وبلغته الراقية ، وبكلماته المعبرة ، وأناته الخافتة !!
ربما كانت تلك الصفات الرائعة ، الجميلة التي تميَّز بها فقيدنا رحمه الله ... هي من جعلته بعيداً عن الأضواء ، ولم يحظ بالاهمتام من قبل الجهات المسؤولة ، ولم تر كثير من أعماله الأدبية النور .
عاش رحمه الله عزيز النفس ، عفيف اللسان ، طاهر القلب ، صادق اللسان ، نقيُّ السريرة ، طيَّب المطعم ، واضح المواقف .
عاش بصمت ، ومات بصمت ، وغادر دنيانا الفانية بصمت .
وكم والله يحز في النفس أنْ يُهمل مثل هؤلاء الكوادر ولم يحصلوا على الفرص المواتية لنشر أفكارهم النيرة ، وعرض آراءهم الناضجة ، وتبني أعمالهم الرائدة .
ومن هنا أدعو مكتب الثقافة بمحافظة أبين لجمع الأعمال الأدبية ( شعراً ونثراً ) لفقيدنا الراحل ، وطباعتها ، ونشرها .
رحم الله أبا ناصر ، وأسكنه فسيح جناته ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.