مشهود ومثبت أن(المجد الشخصي)كان الدافع القوي لأغلب من صنعوا تاريخهم الشخصي.. وقليل جداً ما كان(المجد العام)يصنع تاريخه.. ومن صنعوا مجدهم الشخصي ضربوا المجد العام عرض الحائط.
وما دون الأنبياء والرسل والصالحين والمصلحين وبعض القادة والحكام-جميعهم طغاة ومستبدين-ولم يأبهوا للمجد العام الخالد.. وركزوا كل اهتمامهم لأمجادهم الشخصية.
وإلى يوم الناس هذا والمثبت والمشهود أن الأمجاد الشخصية هي الحاكمة والمتحكمة.. وهذا حديث لا يدركه ويفهمه ويعقله إلا من قرأ التاريخ-وأحسن قراءته..وكان له نصيب من(الوعي التاريخي).
وتاريخ المجد العام المستقل الغالب لم يفتتح ولم يعلن ولم يبتدأ تاريخه.. وهو المجد الذي سيجب كل الأمجاد الزائفة.. وهو المجد كل المجد.
وعند مقاربة المجد العام الطامح لإصلاح الواقع الشامل لشعوبنا ومجتمعاتنا-نجد أن خياراتنا عالقة مابين مطرقة التجهيل وسندان الاستبداد.
والتجهيل والاستبداد هما من أعقد التحديات التي تواجهها مجتمعاتنا وشعوبنا لقرون طوال من التاريخ المليء بالاشتباكات والخلافات التي عصفت ولازالت بمجموعنا الواعي بحقيقة أسباب إنحدارنا وتراجعنا.
وإذا كان هناك من مخرج لإعادة نصاب الوعي والتأسيس لحاضر ومستقبل جاد لأوطاننا وشعوبنا، فإنه لن يكون إلا بإعادة قراءة التاريخ وتحييد كل الرموز التي قدمت مجدها الشخصي على مجد الصالح العام لشعوبها وأوطانها.
ومالم تتم إعادة نصاب الوعي وتصحيحه، فإن الحديث عن أي مخرج موازي لإعادة قراءة التاريخ وتحييد رموزه المفسدين سيكون بمثابة التجديد لعهود من التجهيل والحكم المستبد.