آخر تحديث :الإثنين-28 أبريل 2025-01:55ص

خمسة عشر شهرًا.. غزة قاومت أم انتصرت

الجمعة - 17 يناير 2025 - الساعة 02:19 م
حيدره محمد

بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


لعلها السياسة وحدها من أخرت الحل في غزة..أو لعلها معركة الشد والجذب الطويلة التي خاضتها المقاومة مع(الكيان المجرم)في سبيل الخروج إلى نص أتفاق ينهي الحرب..وأياً كانت العوامل التي وقفت خلف الوصول للحل النهائي،فإن الحقيقة تقول أن غزة أحرقت بإنسانها وحجرها وشجرها..وأصبحت شاهدة على أعتى جريمة عرفها التاريخ الحديث والمعاصر.

ومايزيد عن خمسين ألف قتيل وسبعمائة ألف جريح ومصاب لم يكونوا مقاتلين مسلحين ممن كانت توجه لهم آلة القتل الوحشية نيرانها طوال خمسة عشر شهراً من القتل المنظم والهستيري،والذي كان يستهدف مدنيين عزل من السلاح ومن أبسط إمكانات الدفاع عن النفس..وتلك حقيقة ستبقى وصمة عار في جبين العرب والمسلمين وكل الإنسانية.

والحقيقة التي لا تقل أهمية عن قيمة الإنسان المهدرة في حرب غزة،هي الكلفة المادية لخسارة الفلسطينيين لمنازلهم ومساكنهم وممتلكاتهم ومؤسساتهم ووجودهم على أرضهم..والتي تعني أن وجودهم بات في خطر أكبر من الخطر الذي كان عليه قبل الحرب في الـ٧ من أكتوبر٢٠٢٣.

وكل ملحقيات الأتفاق وبنوده لا تشير إلى رفع الحصار الجائر على غزة منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً..والسؤال كيف ستتم إعادة إعمار غزة،وغزة لاتزال تحت الحصار وإن أوقفت الحرب..وهذا بخلاف سياسة الفصل العنصري التي انتهجها الاحتلال في حربه على غزة عبر فصل شمال القطاع عن جنوبه..وهي السياسة التي تعتبر من أخطر المؤشرات على احتمالية تجدد الحرب فور إطلاق المقاومة سراح المحتجزين..وبالإضافة لباقي محاور الاتفاق المبهمة والتي لن يبدأ تنفيذها إلا بعد مرور خمسين يوم من سريان الأتفاق.

والحقيقة التي لا مناص من مواجهتها والوقوف عندها كثيراً وطويلاً هي هل كان هجوم السابع من أكتوبر هدفاً إستراتيجياً للمقاومة..وهل كان يعبر عن حرب مفتوحة لتحرير فلسطين..أم كان هجوم مرحلي لتحرير الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال..وإن كانت الاهداف مجتمعة هي التي أتخذت المقاومة لأجلها قرار الحرب،فإن الحقيقة وبعد خمسة عشر شهراً من الحرب تقول عكس ذلك تماماً وتنافيه واقعاً ونتائجاً.

وإن كانت عملية(طوفان الأقصى)من الناحية العسكرية إعجازية عسكرية وبكل المقاييس..وما أعقبها من مقاومة وصمود قتالي للمقاومة..ولكن وبلا ادنى تحفظ أو تردد كان الثمن الذي دفعه الفلسطينيون باهظاً ومروعاً..ولا يمكن لأي شعب على وجه الأرض أن يحتمله أو يتخيل مجابهته طيلة سنة وثلاثة أشهر مريرة من القتل والقصف والتهجير والحصار.

ولكن الحقيقة الأبلج والأكثر واقعية أن غزة قاومت ولم تنتصر..ولا جرم بأن الثمن الذي دفعته غزة كان مهولاً وكارثياً..والمقاومة وفصائلها أمام محك تاريخي يحتم عليها أن تعيد حساباتها للاستعداد لمعركة التحرير لإسترداد كامل التراب الفلسطيني..والتي لن تشنها إلا بسواعد أبناءها ومقاوميها.

والأهم أن لا تكون المعركة المصيرية معركة مرحلية كالسابع من أكتوبر..والأهم من كل ذلك أختيار التوقيت المناسب لساعة الصفر في خضم حالة الضعف والإنقسام التي يعيشها الكيان المحتل بعد السابع من أكتوبر..بيد أن غزة قاومت واكتوت بالنار وخضبت بالدم وحاربها وخذلها كل الجبناء والأوغاد.