آخر تحديث :السبت-19 أبريل 2025-12:39م

وطن من الخيبة

الخميس - 15 سبتمبر 2022 - الساعة 09:17 ص
سعد العجمي

بقلم: سعد العجمي
- ارشيف الكاتب


صفر اليدين أنا منك...كنت أحلم بلا نهاية أيضا كان لي طموح أو ما يماثله بخصوصك لكنك يا وطني ها أنت ذا تدهسني في كل آن،
لقد صرت عظما من الجوع ...وحجارة من الألم ...وأبله من الحزن ...ومهرج أنا بسببك يا وطني، 
أنا جندي قاتل لأجل راية اختنق بها بعد حين،
أنا طفل كبر قبل الآوان وشاخ في المهد، 
أنا من توسد الطرقات والتحف السماء،
أنام بعد طلوع الشمس لأن الليل أقضيه في حراسة لصوص وطني، 
في وطني يولد صنفين من الناس فقط فاسدين يحكموا الوطن ويسرقوه ويخونه ببجاحة لا نظير لها وأخرين يحرسوا الفاسدين ويصفقوا لهم بثياب رثة وأيدي مرتعشة من الجوع والمرض،... الفئة الأولى كثيرة وأنيقة وكاذبة وحقيرة وبلا شرف وهي كالعاهرة كل يوم لها عشيق باسم الله والوطن والشعب أما الثانية ساذجة وغافلة وبلا وعي،
لا شي هنا يستحق التوقف معه ....ربما بعض المآسي والمحن تستدعي قلق الأمين العام للأمم المتحدة واجتماع باهت في الجامعة العربية يشرب فيه الحاضرون عصير ويتلى بيان ركيك يعرف قارئه أنه مجرد تمثيل أو على الأقل يشاكله

ثمة ما حيرني في هذا الوطن شاعر أممي صار ناطق باسم الكهف، ومفكر عالمي بات منظر للعصابات، ورجل دين أصبح مفسبك يدردش مع المزز، وشيخ القبيلة يحلم بسيد يتفانى في خدمته، وسياسي محترم يتحول الى جندي مع الأجنبي، وصحفي حصيف بوق رخيص يعرض في المزاد، وجماعات بقضها وقضيضها تحارب لأجل حراسة بئر نفطي أو مسجد متهدم أو ادارة بيت الزكاة وجمعيات الأيتام لسرقتها، وكل هؤلاء كلهم يتحدث باسم الاله والآل والوطن بأفوه يجب أن تغسل سبعة آلاف مرة ومرة،

القطار يمشي نحو الهاوية والجميع يعلم ذلك سوى  الجندي الذي يودع أمه وزوجته على أمل العودة بوطن فيه عدالة عمر ونزاهة علي وحنكة  معاوية وشجاعة الداخل ويقين بلال وخيال جمال عبدالناصر وزهد لينين وهدوء قابوس بن سعيد وحلم زايد بن سلطان لكن ...لكن الجندي يموت بلغم زرعه أحدهم قبل أن يحشو رأسه بالشبو ويغذي عقله بالأساطير ويعود الجندي جثة بلا كفن وبلا وطن وبلا أمل الا الحزن والفقد والتشرد لأهل بيته،
وهكذا يمضي كثر في هذا الطريق بهدوء أدهش التاريخ وحير الزمن، قوافل من الشباب تغيب عبثا وتغرق وتختفي بلا سبب ولا مبرر، كل شي هنا غالي حتى الماء والهواء الا الموت فهو مجاني يُوزع بسخاء يُخجل حاتم الطائي وهكذا يستحق البطولة من بقي حيا في مرحلة كهذه!