آخر تحديث :السبت-19 أبريل 2025-12:39م

رواية حضرة المحترم

الخميس - 25 فبراير 2021 - الساعة 07:08 ص
سعد العجمي

بقلم: سعد العجمي
- ارشيف الكاتب


بداية عثمان كانت من حي مغمور وحياة قاسية الى الوزارة والاجتهاد ومواصلة الليل بالنهار في العمل واثبات الجدارة والكفاءة للسادة أصحاب السعادة والشأن وأيضا بين الأقران إيمانا منه بان هذه الحياة سرها المكنون ولغزها الدفين هو العمل ثم العمل ثم العمل، وكثيرا ما ردد عثمان بينه وبين نفسه أن (الانسان يعبد الله من خلال العمل والتقرب إليه بخدمة الدولة والمساهمة في تدبير شؤون العباد)
يؤمن عثمان أن الحياة مهما بلغت بالانسان شأوا من العلو والسمو فهي فانية لكن فطرة الخلق هي الطموح الى المزيد من مفاتنها وزينتها الزائفة،

ان صور الجمال وبراعة الإبداع وواقعية السرد وموضوعية الطرح وإثارة القضايا الإنسانية الأكثر ضرورة والأغلب سخونة على الساحة كانت حاضرة في حكاية حضرة المحترم كالتهميش والفساد والإقصاء وعدم تكافؤ الفرص وسحق بعض طبقات المجتمع لصالح اخرى أيضا تغيرات مزاج الانسان وتبدل أطواره وأفكاره وتصوراته للحياة ونضوجه الى أبعد حد حتى يصل مرحلة الجنون كما يعتقد الدهماء والحكمة كما يفهم العلماء.

عظمة التطريز وفخامة الترتيب وقوة التعبير ودهشة التفسير تتجلى كلها في حكاية حضرة المحترم وبين دفتيها يصنع الروائي المصري العظيم قصة للإنسان من خياله الخصب وأسلوبه الفطن،.

استطاع نجيب محفوظ كما في اعماله جمعيها الخالدة أن يغوص في أعماق النفس البشرية ليستخرج أفضل ما فيها وأسوء ما فيها، أيضا باقتدار بديع وأختصار سريع يأخذ معه القارئ في رحلة شبيهة بحلم ليقرأ حياة الخلق وتغيرات اليل والنهار وما فيها من مصائر بين موت وحياة ونصر وهزيمة وخوف وطمأنينة وطموح وانكسار ويأس وأمل وبين هذا وذاك يكسوه بتعبير سهل ممتنع وذوق رفيع وبحروفه أخرج أجمل سيمفونية جزلة وأعظم قطعة موسيقية عذبة ستبقى حكاية خالدة وقصة باقية طالما بقي كتاب يُقرأ وصحفة تُدرس.