لا غرابة ولا عجب أن نتحدث اليوم عن ثورة فبراير المجيدة في زخم ثوري يقل مع كل صباح يمني تتوارى فيه الحياة وتغيب الابتسامة لتحل مكانها الآلام والجروح الكثيرة في جسم الوطن وفي مقدارته وشعبه المكافح الذي لم يستسلم رغم كل أنواع المعاناة وأنواء الندوب المنتشرة فيه
حلت ذكرى فبراير هذا العام والوطن ممزق بطريقة يشبه العصور الغابرة والبلاد ينهشها الصديق قبل العدو والشقيق قبل الغريب وأكثر من كانت أنيابه ثقيلة ومعاول هدمه مؤلمة هو ابن البلد من قيادات سياسية وعكسرية ونخبوية وقوى سياسية آثرت أن ترواغ وتخادع وتتخاذل لنصرة مصالحها الضيقة وأهدافها القميئة والوطن ومقدراته مجرد وسيلة لتحقيق هذا،
كل هذا أدى الى المأساة التي تعيشها اليمن طولا وعرضا وبقي الشعب مقسم بين من يلعن الثورة التي "يعتقد" أنها أخذت كل أحلامه ودمرت طموحاته وحولت حياته الى كوابيس فاجعة ولحظات مؤلمة بالاضافة الى بقايا الرماد من النار السابقة التي عملت على الأرض لوأد الثورة والإجهاز عليها أيضا يوجد إعلام موجه يعمل بكل جهوده ليصنع رأي عام يعتقد أن الثورة هي السبب وهذا الاعتقاد يتزايد يوميا، وهؤلاء يغلب عليهم الانفعال بسبب الحدث الآني وينظروا للأمور وللأفكار بقيمتها المادية وانعكاساتها الحالية ولا وجود عندهم للقيمة المعنوية للثورة كقيمة ومبدأ لا يمكن العيش بدونه كالقيمة المعنوية للايمان بالدين او بالمعتقدات التي تسكن القلب وتأسر الأوراح وتتجلى في الأفعال النبيلة والمساعي الحميدة
وقسم أخر من الشباب وقطاعات واسعة من الشعب في أرجاء الوطن يؤمن أن مقومات الثورة موجودة ونجحت في التخلص من رأس النظام وأزلامه إلا أن الخطأ حدث لأن لم تكن للثورة رؤية لما بعد زوال النظام الأمر الذي أدى لنجاح قوى محلية رجعية خبيثة ودول الجوار الإقليمي التي كانت ولا زالت ترى أن الثورة خطر وجودي عليها في أن تحتضن المشاورات وتتحكم في مسار الأحداث بدأ بمبادرة مجلس التعاون ووصولا الى تواطئ هذه الدول مع الحوثي وأخيرا نجاحهم في احتواء "شرعية هادي" الناتجة عن الثورة وما حصل بعدها من تخادم واضح وجلي ضد ثورة فبراير ومخرجاتها وأطيافها من الشباب خصوصا الذين أصبحوا ضحية هذا التخادم وضاعت أحلامهم وطموحاتهم بين مطرقة الحوثي وسندان التحالف والشرعية،
ورغم هذا الواقع البائس والحال المؤلم والضبابي الا أنه انطلاقا من تجارب التاريخ من المبكر الحكم على هذه الثورة وصيرورة الثورة هي الطريق الوحيد للخلاص وهي المسار الأوحد للنجاة من الدكتاتورية ومخلفاتها والفساد والتدمير بغض النظر عما حدث ويحدث من انتكاسات وانكسارات فهي انما بسبب تساقط بعض القوى الذين كانوا من المحسوبين على الثورة وفبراير ستبقى وتتمدد الى أن تكنس كل الأدوات والرجعيين الذين ساهموا في تطور وبقاء المعاناة وسوف تستمر الثورة الى النهاية.