حققت الشعوب الأهداف التي ناضلت من أجلها بالوقوف أمام محطات بارزة وحددت نقاط القوة ونقاط الضعف وحددت مواطن السلب ومواطن الإيجاب، ونحن يجب أن نقف أمام التاريخ بين فترة وأخرى ونحدد المعالم والأعلام، أي أن نقف أمام المنعطفات.
القضية الجنوبية لها ملف بتفاصيل المسيرة وإذا استعرضنا حدثين بارزين وهما: 13 يناير 2006م عندما أعلن شعب الجنوب للعالم التسامح والتصالح في جمعية ردفان الخيرية، والحدث الآخر كان يوم 7 يوليو 2007م الذي شكل الانطلاقة الأولى للحراك الجنوبي، وهنا سيشهد التاريخ أن الشيخ أحمد فريد الصريمة قدم لشعب الجنوب ما لم يقدمه أحد.
لا ننسى اللقاء الذي ضم الشيخ أحمد الصريمة ونخبة من قيادات العهد الجنوبي القديم في باريس في صيف 2010م، ورحب بهم الشيخ الصريمة، وكان صريحاً معهم عندما قال لهم العهد الجنوبي القادم ليس عهدكم أيها الرفاق وإنما سيكون عهد الشباب، وطلب القادة الجنوبيون من الشيخ الصريمة تقديم المساعدة لتشكيل قيادة جنوبية موحدة تتحدث باسم قضية شعب الجنوب.
تعاهد الجميع أمام الشيخ أحمد الصريمة على تغليب المبادئ والأسس التي اتفقوا عليها وشرعوا معاً في تأسيس المؤتمر الجنوبي الأول في القاهرة في نوفمبر 2011م، وخرج المؤتمر بقيادة موحدة، وقدم الشيخ الصريمة وآخرون الدعم السياسي والمادي لإنجاح المؤتمر.
استقل الشيخ احمد الصريمة طائرته الخاصة للمشاركة في أعمال مؤتمر الحوار يوم 18 مارس 2013م بعد أن وضع عدة ثوابت وطنية حددها في رسالة خطية لنائبه الأخ المناضل محمد علي أحمد بأن تمثل محافظات الجنوب الست بالتساوي في وفد الحراك المشارك في الحوار.
وضع الشيخ أحمد الصريمة النقاط على الحروف أمام الجميع ومثل هذا الأمر لا يصعب على شخص بحجم الشيخ أحمد الصريمة وهو خريج القانون من جامعة اوكسفورد البريطانية، وكان الرجل ملما بظواهر الأمور وبواطنها، حيث وضع مراجع القرار في صنعاء ومالكي النفوذ فيها أمام ما يريد من خطوط عريضة جوهرية.. ووفقاً لرؤيته أن من العبث السير في النقاشات ما لم تتم صياغة بنود الاتفاق مع المراجع الأساسية في الشمال، بل ووضع الرئيس هادي في الصورة وخيب الطرف الآخر أمل الشيخ الصريمة في الموافقة على ما تم الاتفاق عليه وأدرك أن لا جدوى من استمرار مشاركة وفد الحراك الجنوبي، ووجد نفسه مضطرا لطلب طائرته الخاصة وغادر البلاد وأرسل للرئيس هادي مذكرة رسمية بتاريخ 19 أبريل 2013م أشعره فيها بتعليق مشاركة وفد الحراك الجنوبي في أي حوار.
لم يستجب القائمون على القرار السياسي في صنعاء لتلك المطالب المقدمة من الشيخ أحمد الصريمة الذي لم يقبض دولاراً واحداً بل وأنه دفع لكل شيء من حر ماله سواء له أو لغيره من الجنوبيين.
رحل الشيخ الجليل أحمد فريد الصريمة يوم السبت 27 مايو 2017م إلى جوار ربه في العاصمة البريطانية بعد أن بذل الغالي والرخيص من أجل قضية الجنوب، ومنذ 19 أبريل 2013م وحتى يومنا هذا ونحن نكذب على بعض.
أذكر إخواننا الجنوبيين بأن الراحل الكبير الشيخ أحمد فريد الصريمة صدق مع ربه ومع شعبه في الجنوب، وقال الحقيقة ورحل ولا حاجة للثرثرة أو الجري وراء السراب.
رحم الله شيخنا الصريمة وهدى الله الجنوبيين إلى سواء السبيل.. آمين!