اختتمت اليوم فعاليات ورشة العمل الوطنية الأولى التي أقامتها وزارة العدل في العاصمة عدن يومي 28 و 29 أبريل 2025م تحت عنوان "تعزيز جهود إنفاذ القانون في مكافحة الفساد" برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء، وبالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى، والنيابة العامة، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبمشاركة ما يزيد عن مائة مشارك ومشاركة بينهم وزراء وسفراء وممثلين رفيعي المستوى عن الهيئات القضائية، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والوزارات المعنية إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وخبراء من منظمات عربية ودولية شريكة.
استعرضت ورشة العمل خلاصة الجهود المبذولة حاليا في اليمن من جانب الجهات المختصة بإنفاذ القانون في مجال مكافحة الفساد، بدءًا بمراحل الكشف المبكر والرقابة والمحاسبة والتحقيق، مرورا بالإدعاء والمحاكمة، ووصولا إلى تنفيذ الأحكام القضائية واسترداد الأموال غير المشروعة، حيث تناول المشاركون نقاط القوة والضعف في تلك الجهود، وبحثوا الفرص المتاحة والعقبات القائمة أمام تعزيزها. تبع ذلك عروض ونقاشات حول الممارسات الفضلى والدورس المستفادة من عدة تجارب مقارنة من المنطقة وخارجها تبعها حوارات تفاعلية عميقة بين المشاركين والمشاركات، وبحضور الخبراء الدوليين، حيث تم التوصل في ختامها إلى سلسة مفصلة من التوصيات المخصصة لمسائل إنفاذ القانون في مجال مكافحة الفساد
من أبرز التوصيات المعتمدة ما يتعلق بالإسراع في إكمال المسح التشريعي الذي تجريه وزارة العدل بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية، والبناء عليه من أجل تطوير الإطار القانوني والمؤسسي الخاص بمكافحة الفساد، وإنفاذ القانون، وتعزيز التعاون الوطني والتعاون الدولي، واسترداد الموجودات، فيما اقترح المشاركون والمشاركات عدة طرق لتجاوز العقبات الكبيرة التي يمثلها القانون رقم (6) لسنة 1995م بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة والتي تؤدي من منظورهم إلى قوننة الإفلات من العقاب.
كما خلصت ورشة العمل إلى التوصية بإنشاء لجنة تنسيق ومتابعة للتسهيل وتسريع العمل على حصر ومتابعة قضايا الفساد الهامة ضمن معايير محددة ووفقا للأطر القانونية والمؤسسية القائمة، واقترحوا أن يشارك فيها ممثلون عن مجلس القضاء الأعلى، ووزارة العدل، والنيابة العامة، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ووزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، ووحدة جمع المعلومات المالية بالبنك المركزي، ومباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية، والفريق الفني لدولة رئيس مجلس الوزراء
أكدت ورشة العمل أيضا على أهمية حماية وتعزيز إستقلالية الهيئات القضائية والرقابية وفق المعايير الدولية المعتمدة لكل منها، وترسيخ ضوابط النزاهة في داخلها، وضمان التكامل ما بين اختصاصاتها وصلاحياتها، إضافة إلى دعم جهود وزارة العدل المتعلقة بإعتماد أنظمة وبرامج الربط الشبكي، وأتمتة المعلومات، وتوسيعها لتشمل الهيئات المذكورة أعلاه ومعها جهات الضبط القضائي.
أضافت التوصيات بنودا تتعلق بتوسيع نطاق العمل على تطوير القدرات البشرية والتقنية المساعدة على تعزيز جهود إنفاذ القانون في مكافحة الفساد على المستويين المركزي والمحلي كما ودعت إلى إتخاذ إجراءات مصاحبة لتعزيز الثقة في الوزارات عامة من خلال تفعيل قانون الحصول على المعلومة وتشجيع الشفافية والنشر التلقائي للمعلومات المتعلقة بالشأن العام والمال العام وكذلك تعزيز ثقة جهات إنفاذ القانون من خلال إعداد أدلة إجرائية مزمنة لكل مرحلة من مراحل الدعوى في قضايا الفساد، وتشجيع المواطنين والمواطنات على التبليغ عن الفساد، والعمل على إعداد مشروع قانون مخصص لحماية المبلغين والشهود.
شددت التوصيات على ضرورة العمل أيضا على إيجاد إرادة مجتمعية جامعة، خصوصا لدى فئة الشباب، من أجل التصدي لظاهرة الفساد في اليمن باعتبار أن الفساد في زمن السلم جريمة وفي زمن الحرب خيانة، ودعم هذه الإرادة المجتمعية كي تكون رافعة لجهود الدولة من مواجهة التحديات وشبكات الفساد والإفساد والتدخلات السياسية على أنواعها.
هذا وقد أكدت جلسات ورشة العمل المختلفة على ضرورة مواصلة التشاور وعقد ورش عمل مستقبلية حول مسائل التثقيف والتوعية العامة والوقاية المؤسسية من الفساد، إلى جانب ما تم التطرق إليه خلال اليومين الماضيين، وذلك بغية استكمال السعي إلى بلورة رؤية وطنية شاملة التعزيز الشفافية وتفعيل المساءلة تستجيب للأولويات الخمسة التي أعلنها دولة رئيس مجلس الوزراء وتحديدا الأولوية الثانية منها، مع دعوة المجتمع الدولي وشركاء اليمن المخلصين إلى مد يد العون لجهود الإصلاح والتحديث على أسس الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، بما يحضن الإستثمارات الموجهة المجالات التنمية، ويمنع صدر الموارد. ويخلق بيئة مواتية لجذب تمويلات جديدة يستفيد منها اليمنيون واليمنيات في جميع مناحي الحياة.