في الثاني والعشرين من أبريل 2025م، تمر ثمان سنوات على لحظة تاريخية مفصلية في تاريخ حضرموت، تمثلت في إشهار «مؤتمر حضرموت الجامع» ، الذي احتضنته مدينة المكلا عام 2017، وجمع تحت مظلته مكونات المجتمع الحضرمي من قبائل ومؤسسات مدنية، وشرائح سياسية واجتماعية ومهنية، في محاولة جادة لتوحيد الصف وإيجاد رؤية شاملة لمستقبل حضرموت وأبنائها.
من الفكرة إلى الانطلاق
انبثقت فكرة مؤتمر حضرموت الجامع من رحم الحراك الشعبي والقبلي، حين دعا حلف قبائل حضرموت في ديسمبر 2015 إلى عقد مؤتمر جامع يمثل كل أطياف حضرموت، وفي مارس 2016، تم تكليف الشيخ عمرو بن حبريش بتشكيل لجان للتواصل والإعداد، والتي باشرت عملها بعقد لقاءات ونزولات ميدانية في مختلف مناطق حضرموت، شملت الساحل والوادي.
وبعد شهور من العمل، أعلنت اللجنة التحضيرية في نوفمبر 2016 بدء التحضيرات الفعلية، وتم تشكيل لجان متخصصة لصياغة الرؤية السياسية والاجتماعية والاقتصادية . كما تم إشراك المغتربين في هذه العملية عبر لجنة خاصة لشؤون المهجر.
انعقاد «الجامع»
في 22 أبريل 2017، توّجت الجهود بانعقاد مؤتمر حضرموت الجامع في المكلا، بمشاركة أكثر من 3001 مندوب من كل المديريات ومثّلوا كافة القوى القبلية والمدنية والسياسية، أقر فيه وثيقة سياسية واجتماعية اعتبرت بمثابة «الميثاق الحضرمي» ، وحددت مطالب حضرموت، وعلى رأسها إدارة شؤونها بنفسها وتحديد مستقبلها واستثمار ثرواتها بما يخدم أهلها.
تشكيل الهيئات
عقب إشهار مؤتمر حضرموت الجامع ، تم التوافق على تشكيل مختلف هيئاته ، ومنها الهيئة العليا وهيئة الرئاسة وهيئة الرقابة والتفتيش، بالإضافة إلى الأمانة العامة والدوائر المتخصصة في المجالات كافة، كما تم التوسع لاحقًا بتشكيل هيئات تنفيذية في المديريات وربط الداخل بالخارج من خلال تفعيل العلاقة مع أبناء المهجر.
شراكات وتفاهمات..
في أبريل 2018م، تم توقيع مذكرة تفاهم مع السلطة المحلية لتعزيز التعاون، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ. ورغم ذلك، واصل «الجامع» جهوده في خدمة حضرموت ورفع مكانتها ، متخذًا من الحوار والضغط السلمي أدوات لتحقيق مطالبه، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.
حراك حضرمي ومواقف واضحة
منذ يوليو 2024م ، عاد مؤتمر حضرموت الجامع إلى صدارة المشهد السياسي الحضرمي، حيث قاد حراكًا واسعًا بالتعاون مع حلف قبائل حضرموت للمطالبة بتحقيق الاستحقاقات الحضرمية، بما في ذلك الحكم الذاتي. وأصدر «الجامع» بيانات متعددة تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، وضمان حقوق حضرموت في الثروة والقرار.
حضور دولي ولقاءات مؤثرة
كان لمؤتمر حضرموت الجامع حضور بارز في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، و تمكن من تثبيت حضوره كمرجعية حضرمية في مختلف المحطات، حيث التقت قياداته عدد من المبعوثين الأمميين، منهم مارتن غريفيث وهانس غروندبرغ، إضافة إلى بعثات الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول المهتمة بالشأن اليمني، بهدف إيصال صوت حضرموت والتأكيد على ضرورة تمثيلها في أي عملية سلام قادمة.
كما شارك «الجامع» في حوارات وطنية خارجية، منها لقاء القاهرة مع فريق الحوار الوطني الجنوبي التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي في سبتمبر 2022م.
ختامًا.. مسؤولية مستمرة
قد لا يكون مؤتمر حضرموت الجامع قد حقق كل ما أراده أبناء حضرموت، لكنه بلا شك شكّل بداية غير مسبوقة لإعادة حضرموت إلى دائرة القرار، وجعل صوتها مسموعًا.. ويبقى الأمل معلّقًا على إرادة الحضرميين أنفسهم، في تحويل «الجامع» من حالة "الطموح" إلى مرحلة "التحقيق"، فمؤتمر حضرموت الجامع لا زال يشكل مرجعية سياسية واجتماعية لأبناء حضرموت قاطبة ، ويحمل على عاتقه آمالًا وتطلعات كبيرة. ورغم التحديات، يستمر «الجامع» في أداء دوره، وينشد إلى مزيد التكاتف من أجل تحقيق مستقبل أكثر عدالة وكرامة لحضرموت وأهلها.