في تصعيد لافت للحرب الاقتصادية في اليمن، دخل الصراع النقدي بين الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن وجماعة الحوثي في صنعاء مرحلة جديدة تنذر بتداعيات خطيرة على الاقتصاد الوطني والمواطنين على حد سواء.
وأعلن البنك المركزي في عدن وقف التعامل مع ستة بنوك كبرى تتخذ من صنعاء مقرًا لها، بعد رفضها نقل إدارتها إلى عدن. وجاء الرد سريعًا من صنعاء، حيث أصدر البنك المركزي التابع للحوثيين قرارًا بمنع التعامل مع 12 بنكًا تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ما يهدد بانقسام مالي أشد عمقًا.
ويُجسد هذا الصراع أزمة السيادة على النظام المصرفي، وسط ازدواج في السياسات النقدية انعكس بوضوح في تباين سعر صرف الريال، حيث يصل في مناطق الحكومة إلى 1760 ريالًا للدولار، مقابل 531 ريالًا في مناطق الحوثيين.
الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف سعيد وصف الخطوات الحوثية بأنها تعميق متعمد للانقسام النقدي، من خلال منع تداول العملة الجديدة وفرض سعر صرف وهمي، ما تسبب في شلل مالي وانكماش اقتصادي في مناطق سيطرة الحكومة، إلى جانب تدني القدرة الشرائية للمواطنين.
ويُعد البنك المركزي في عدن الجهة الوحيدة المعترف بها دوليًا والمخول لها استخدام نظام التحويلات المالية العالمي (سويفت)، مما يمنحه اليد العليا في التحكم بعمليات الاستيراد والتمويل، وهو ما يمثل ضغطًا متزايدًا على الحوثيين الذين يسعون للحصول على منفذ مالي بديل قد يُعيد إليهم شريان حياة اقتصادي في ظل عزلة دولية متزايدة.
ومع تصاعد التوتر النقدي، يحذر مراقبون من أن هذا الصراع قد يُفجّر الوضع الهش ويُسهم في انهيار الهدنة القائمة منذ أبريل 2022، ما يُنذر بكارثة اقتصادية وإنسانية قد تكون الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث.