آخر تحديث :الثلاثاء-15 أبريل 2025-05:48م
اليمن في الصحافة

فوضى المياه المعبأة تقلق اليمنيين... عشرات الشركات تُغرق الأسواق

الإثنين - 14 أبريل 2025 - 09:23 ص بتوقيت عدن
فوضى المياه المعبأة تقلق اليمنيين... عشرات الشركات تُغرق الأسواق
صنعاء (عدن الغد) محمد راجح – العربي الجديد:

يشهد اليمن انتشاراً واسعاً لشركات المياه المعبأة، وسط قلق من عدم خضوع الكثير منها للرقابة، بينما أضحى العمل في هذا المجال منفذاً للتربّح في وقت تعاني فيه البلاد من انهيار الخدمات الأساسية.


يقول رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل منصور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هناك غشاً واضحاً للمستهلك، إذ تجري تعبئة المياه وبيعها من الكيانات كثيرة على أنها منتجة في مصانع متخصّصة لإنتاج المياه، وهي لا تتوفر فيها أدنى المعايير لإنتاج مثل هذه المياه، وهناك قضايا كثيرة منظورة أمام المحاكم والنيابات حول ممارسة الغش والتقليد لعلامات تجارية مشهورة ونماذج صناعية.


يضيف منصور أن هناك مصانع ملتزمة بالمواصفات القياسية للمياه، وهناك معامل غير ملتزمة من حيث الاشتراطات الصحية والفنية والمعيارية والمواصفات القياسية لإنتاج مثل هذه المياه، لأنها تتطلب تجهيزات ومعدات فنية لا تتوفر في هذه المعامل،


كما تقوم ما يسمى بمحطات معالجة المياه بتعبئة عبوات صغيرة مختلفة الأحجام وبيعها للمستهلكين وللبقالات وهي غير مرخصة لإنتاج مثل هذه العبوات، لأنّها بحاجة إلى تعقيم وفلترة وتجهيزات لا تتوفر في هذه المحطات، وهذا غش للمستهلكين كون هذه المحطات مخصصة لتعبئة العبوات الكبيرة، التي تبدأ من لترين إلى 20 لتراً، لكن عندما تقوم بتعبئة عبوات صغيرة وتكتب عليها بيانات مضلّلة للمستهلك، فهذا غش واضح وصريح دون أن تحرك الجهات المختصة أي ساكن.


ترصد "العربي الجديد"، تضخم السوق اليمنية بهذا النوع من الأعمال والاستثمارات، ومنتجات المياه في صنعاء وعدن وحضرموت وغيرها من المدن الرئيسية، إذ تُحصي "العربي الجديد"، انتشار ما يزيد على 55 نوعاً جديداً من منتجات المياه المعدنية المعبأة في مختلف المدن منذ العام 2020، بعد أن كانت لا تتجاوز أربع شركات تهيمن منتجاتها على الأسواق المحلية منذ عقود، عدا عن عشرات من محطات المياه.


وهناك قلق واسع من جودة المياه لدى الكثير من الشركات، ووفق الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، هناك لائحة خاصة مرجعية تتعلق بالمواصفات القياسية اليمنية لمياه الشرب المعبأة تعتبر ضمن اشتراطات الحصول على ترخيص العمل من الجهات والشركات ومعامل إنتاج مياه الشرب، سواءً المعدنية أو مياه المحطات التي تعرف بـ"الكوثر".


ويشير المختص في مجال التسويق، أمجد الصالحي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن السوق تتضخم بمنتجات لا حصر لها من المياه، إذ يُلاحظ تدفق أنواع متعددة، من وقت إلى آخر، لمياه معدنية بنفس الحجم والسعر.


وتتبع معظم المنتجات تسعيرة موحدة في مناطق إنتاجها وتوزيعها وانتشارها، فمثلاً يبلغ سعر عبوة المياه المعدنية سعة 0.75 لتر نحو مئة ريال لمنتجات جميع الشركات في صنعاء ومناطق توزيعها شمال اليمن، منها الشركات القديمة التي تصل منتجاتها من المياه المعدنية إلى جميع مدن ومناطق اليمن، بينما سعرها في عدن يتراوح بين 300 و400 ريال، إذ إنّ سعر الصرف المحلي يبلغ أربعة أضعاف السعر المتداول في صنعاء.


ويتطرق الصالحي إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، تتمثل بعملية التقليد والسطو على العلامات التجارية من بعض المنتجات الجديدة، وسط تغاضي السلطات المعنية عن ذلك، إذ تنتشر بعض المنتجات في صنعاء بأسماء مشابهة لبعض الشركات ذات العلامات التجارية المعروفة والقديمة وتعبئة المياه بعلب مشابهة تماماً لمنتجات هذه الشركات.


ويمثل ذلك مخالفة قانونية يترتب عليها غرامات وإيقاف منتجات هذه الشركات، كما يفيد المحامي والمستشار القانوني كمال الدعيس، الذي يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ القوانين المنظمة لمثل هذه الأعمال التجارية لا تمنح أي تراخيص لشركات لا توفر أي ضمانات أو وثائق كافية وفق مبادئ ومعايير المنافسة العادلة وحقوق الملكية الفكرية.


وتؤكد جمعية حماية المستهلك أنها تتابع موضوع المياه من فترة طويلة باعتباره أحد الأسباب الرئيسية لانتقال الأمراض، وكذلك استغلال جهل المستهلك بالغش والتقليد، وتواصلت مع الكثير من الجهات وقدمت الحلول لمعالجة هذه الظاهرة، وكذلك الرقابة على محطات ومعامل إنتاج المياه، والتأكد من نظافة هذه المحطات وسلامة المياه وتطبيق الاشتراطات الفنية والمواصفات القياسية، سواء للمياه من حيث معدات الفلترة ونظافة العبوات وأماكن التعبئة وكذلك سلامة العاملين وخلوهم من الأمراض، كما تقدمت الجمعية بمقترحات لوزارة الصناعة والتجارة سابقاً، باعتبارها معنية بتنفيذ قانون العلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية، وكذلك منح سجلات تجارية لهذه المحطات، وتضمنت المقترحات تشديد الرقابة على عمليات الغش والتقليد وكذلك أخذ تعهدات والتزامات من هذه المحطات عند منحها السجل التجاري أو عند التجديد، وعدم استخدام العلامات التجارية المسجلة في الوزارة لشركات منتجة وكذلك النماذج الصناعية.


بدوره، يرى المحلل الاقتصادي جلال إبراهيم، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن موضوع شركات ومنتجات المياه المعدنية يبرز المشكلة العميقة في الاستثمار وتوجهات رؤوس الأموال، التي تثير الريبة بطريقة تدفقها إلى أعمال وأنشطة محددة، تجعلها محل اشتباه في علاقتها بأطراف الصراع، التي تسعى أطراف تجارية محسوبة عليها للهيمنة على الأسواق ومختلف الأعمال التجارية فيها.