تسعى بلادنا ممثلةً في حكومتنا الرشيدة إلى مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية الفتاكة ومنها مرض الملاريا الذي عانت منه بلادنا سنوات طويلة ، حيث تبذل جهود كبيرة للقضاء على هذا الوباء وحشد الالتزام الرسمي والشعبي المستمر للوقاية من المرض ومكافحته ، إضافة إلى زيادة وعي الأفراد حول طرق تجنب الإصابة من هذا المرض .
وعلى ضوء ذلك كثف ونفذ البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا بوزارة الصحة العامة والسكان العديد من المشاريع لدحر وباء الحميات من خلال توزيع الأدوية والمستلزمات الطبية والأنشطة الوقائية التي تسهم وبشكل فعال في مكافحة الأوبئة تمهيداً للقضاء عليه .
مزيداً من الإيضاحات حول عمل ونشاط البرنامج ألتقينا بالدكتور ياسر عبدالله باهشم المدير العام للبرنامج ، مدير محور حضرموت تجدوه خلال ثنايا الأسطر الآتية :
لقاء أجراه / عبدالعزيز بامحسون
• حدثونا أولاً عن نشاطات وعمل البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا ؟
يعد البرنامج أحد البرامج الصحية التي تتبع قطاع الرعاية الصحية الأولية بوزارة الصحة ، ويُعنى أساساً في مكافحة الملاريا ، ويتحمل أيضاً عبء بعض الأمراض الأخرى المنقولة بالبعوض مثل حمى الضنك والمكرفس ( الشيكنغونيا) وغيرها من الأمراض .
وكما نعلم أن الناقل الأساسي لمرض الملاريا هو نوع من أنواع البعوض يسمى (الأنوفلس) وهذا يعيش في المياه والمستنقعات العذبة والأودية .
والبرنامج له عدة أنشطة ينفذها المتعلقة بعملية المكافحة منها حملات الرش بمبيد المتبقي الأثر وتوزيع الناموسيات المشبعة بالمبيد وهما نشاطين أساسيين للبرنامج موصى بهما من منظمة الصحة العالمية ، حيث أن الرش بمبيد المتبقي الأثر هو عبارة عن مبيد يتم رشه داخل المنازل والجدران الذي يرتاح فيه البعوض الناقل والتي تبقى فاعليته لمدة (6) أشهر وقد تم تنفيذ هذه الحملات في مديريات حجر ، بروم وميفع ، والريدة وقصيعر ومنطقتي وادي عرف وعيص خرد بمديرية الشحر خلال الأعوام الماضية، وهذه الحملات كان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في انخفاض حالات الملاريا ، وفي العام الماضي استهدفنا أكثر من (9000) منزل في مديرية حجر ومنطقة ميفع ، وسيتم إن شاء الله في شهر سبتمبر القادم حملة الرش في مديريتي الريدة وقصيعر والشحر .
أما بخصوص الناموسيات المشبعة بالمبيد فيتم توزيعها بعد كل ثلاث سنوات حسب استراتيجية البرنامج ، حيث تم في العام الماضي توزيع أكثر من (200.000) ناموسية في مديريات ساحل حضرموت ماعدا المدن الرئيسة (المكلا ، الشحر، وغيل باوزير) ، وفي العام الحالي تم توزيع (237.000) ناموسية في (10) مديريات بوادي حضرموت ماعدا المديريات الصحراوية بمعدل ناموسية واحدة لكل شخصين .
إضافة إلى حملات الرش الضبابي والدخاني والأنشطة التوعوية وحملات التثقيف والوعي الصحي والتفتيش وإزالة بؤر توالد البعوض داخل وخارج المنازل وغيرها من أنشطة المكافحة الأخرى للبعوض الناقل للملاريا .
ويساهم البرنامج في خفض الإصابة بالمرض أو الحد منها وعدم حصول الوفيات من خلال هذه الأنشطة سواءً كانت علاجية أو تشخيصية والذي يقوم البرنامج بعملية التشخيص وتأكيدها مخبرياً عن أي حالة مصابة عند الإبلاغ عنها من أي مرفق صحي ، وتوزيع أدوية الملاريا مجاناً لجميع المرافق الصحية في جميع المحافظات المستهدفة بدعم من منظمات داعمة .
كما قمنا بتدريب عدد كبير من الأطباء والمساعدين الصحيين والكوادر الصحية على السياسة العلاجية المحددة للملاريا وتدريب متطوعات المجتمع لمكافحة ومعالجة الملاريا في مديريات حجر ، بروم وميفع ، والريدة وقصيعر ، وتنفيذ زيارات اشرافية للمرافق الصحية والمستشفيات التي تنفذ أنشطة الملاريا أو لعمل دورات تنشيطية للأطباء والمخبرين حول معالجة وتشخيص الملاريا وتوفير عدد كبير من الأدوية والمستلزمات الخاصة بعلاج وتشخيص الملاريا وتوزيعها على المرافق الصحية ، وتنفيذ بعض الدراسات الحشرية والتقصي الحشري للبعوض الناقل للملاريا في عدد من المناطق والمديريات المستهدفة .
• ممكن تحدثنا أيضاً عن معدلات الإصابة بمرض الملاريا في حضرموت هل في ازدياد أم انخفاض ؟
تعتبر معدل الإصابة بمرض الملاريا في محافظة حضرموت منخفضة في الوقت الراهن إذا ما قورنت بالأعوام السابقة ما قبل عام 2014م وذلك نتيجة للتدخلات والجهود التي بذلت في السنوات الثلاث الماضية مما أدى إلى تحقيق نجاح باهر فمثلاً مديرية حجر التي تعتبر في السابق أكبر مستوطنة للملاريا في محافظة حضرموت أصبحت للسنة السابعة على التوالي لا تسجل أي حالة فيها ، وأيضاً مديريتي ساه والسوم ولكن ولله الحمد انخفضت في هذه المديريات بدرجة كبيرة جداً ، ولكن هناك حالات لازالت تسجل في بعض المديريات المحادية لمحافظتي المهرة وشبوة (الريدة وقصيعر ، وبروم وميفع) بالإضافة إلى أن هناك عدد اكبر من الحالات بالملاريا تعتبر حالات وافدة من محافظات أخرى كالحديدة وحجة وبعض المحافظات الجنوبية وبعض المهاجرين الأفارقة هي التي تسجل حالياً حالات لمرض الملاريا .
• هل لديكم احصائيات بعدد المصابين بمرضى الملاريا في محور حضرموت ؟
حقيقة أن عدد المصابين بالملاريا في السابق تسجل بالآلاف ، بعد ذلك انخفضت حتى وصلت في العام 2014م إلى (154) حالة فقط في محافظات محور حضرموت (الساحل والوادي وشبوة والمهرة) منها (26) حالة في حضرموت ، ولكن نتيجة للأحداث التي شهدتها البلاد منذ العام 2014م وانعكاسها سلباً على جميع القطاعات بما فيها القطاع الصحي الذي توقفت جهود المكافحة والأنشطة التي ينفذها البرنامج مما أدى إلى ارتفاع الحالات ما بين أعوام (2015ــ 2018م) بأعداد كبيرة وصلت إلى أكثر من(6500) حالة في محافظات المحور منها (240) حالة في حضرموت .
ولكن بعد عودة الحكومة لممارسة عملها واستقرارها في العاصمة المؤقتة عدن بدأ البرنامج استئناف أنشطته وتقديم الدعم اللازم له نوعا ما بدأت حالات الملاريا تنخفض أيضاً مرةً أخرى ، ففي العام الماضي 2020م سجلت مديريات ساحل حضرموت (71) حالة وفي النصف الأول من هذا العام (35) حالة فقط ، أما مديريات وادي حضرموت فقد سجلت في العام الماضي (24) حالة وفي النصف الأول من هذا العام (17) حالة فقط .
• هل هناك جهات داعمة للبرنامج ؟
نعم ؛ يحظى البرنامج بدعم من قبل عدد من المنظمات الدولية وبعض منظمات المجتمع المدني ، فلدينا حالياً في برنامج الملاريا مشروعين ، المشروع الأول بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبر منظمة الصحة العالمية وهذا المشروع بدأ في سبتمبر 2020م وسيستمر إلى سبتمبر هذا العام ، والمشروع الآخر بدعم من الصندوق العالمي لمكافحة السل والايدز والملاريا عبر منظمة الهجرة الدولية والذي بدأ منذ العام 2019م وسينتهي في نهاية 2021م ، وهذين المشروعين يتم خلالهما تنفيذ عدد من الأنشطة الخاصة بمكافحة الملاريا وتوفير كميات كثيرة من الأدوية والمستلزمات الخاصة بعلاج وتشخيص ومكافحة الملاريا ، أضف إلى ذلك هناك عدد من المؤسسات الأهلية تساعد البرنامج مثل مؤسسة العون للتنمية التي كانت لها دور بارز في دعم مرض الملاريا خاصة بعد إعصار تشابالا في عام 2015م وانتشار حمى الضنك بشكل كبير جداً ومؤسستي طيبة ونهد وجمعية الحكمة إضافة إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية جميع هذه المؤسسات ساهمت في تنفيذ أنشطة برنامج مكافحة الملاريا ودورها كان بارزاً وشاهداً للعيان في استمرارية عمل البرنامج في ظل الأوضاع التي كانت تعيشها المحافظة في ذلك الوقت .
• ما هو الدور التي تضطلع به وزارة الصحة والسلطة المحلية بحضرموت في دعم جهودكم ؟
وزارة الصحة تعد المظلة الشرعية التي تنطوي في إطارها جميع البرامج الصحية ، فحقيقة البرنامج يحظى بدعم كبير ومستمر ومتابعة حثيثة لجميع أنشطة البرنامج في كل وقت من قبل معالي الوزير الأستاذ الدكتور قاسم بحيبح وسعادة وكيل الوزارة لقطاع الرعاية الصحية الأولية الدكتور علي أحمد الوليدي ، وأيضاً دور السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة في سعادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني محافظ حضرموت ، قائد المنطقة العسكرية الثانية الذي يقدم جهد كبير يشكر عليه في متابعة أنشطة البرنامج.
• ما هي خططكم المستقبلية ؟
بالنسبة للخطط المستقبلية هناك مشروع تمّ مناقشته حالياً ، وتمّ تقديمه للصندوق العالمي لمكافحة السل والايدز والملاريا لدعم برنامج الملاريا للأعوام (2022ــ 2024م) وإن شاء الله نحن في إطار اعداد الخطة لهذا المشروع ، وإذا تمّ اعتماده سيتم من خلاله تنفيذ حزمة كبيرة من الأنشطة التي ستسهم في عملية خفض حالات الإصابة والمرض والوفيات بالملاريا ، والوصول إلى مرحلة ماقبل الاستئصال في محافظات محور حضرموت، وإذا استمر الدعم للبرنامج واستقرت الأوضاع الحالية سيكون إن شاء الله هناك أمل كبير أن تكون حضرموت وبقية المحافظات والمديريات المستهدفة خالية من الملاريا .
• أكيد هناك صعوبات وتحديات تواجهكم ما هي أبرزها ؟
الصعوبات والتحديات تتمثل في عملية النازحين خاصة من المناطق الموبوءه مثل تهامة وغيرها من المحافظات الأكثر وباءً أو اللاجئين من الصومال ودول القرن الافريقي إلى المناطق الغير مبوءه أو الأقل وباءً والذي نعد هذه العملية هي واحدة من أكبر الصعوبات التي تواجهنا ، أيضا التغيرات المناخية وكما نعلم خلال السنوات الماضية تعرضت بعض المحافظات ومنها محافظات حضرموت والمرة وسقطرى إلى حوالي (6) أعاصير وهي ( تشابالا ، ميج ، مكونو ، سيجار ، لبان ، نيجارسا ) والتي شكلت لنا هذه الأعاصير تحدي كبير مكونة مستنقعات متعددة والتي تكوّن بيئة خصبة لتوالد البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك الذي حقيقة نتحمله نحن في البرنامج والذي أصبح الآن ( أي حمى الضنك ) مرض مستوطن وعملية مرهقة ومكلفة جداً وأصبح من الصعب حالياً السيطرة على مرض حميات الضنك في الوقت القريب وهي واحدة من الصعوبات او من الأعباء الذي يتحملها البرنامج ، لأنه لا يوجد برنامج خاص بحمى الضنك بالوزارة مثل البرامج الأخرى فتسجل الحالات من حمى الضنك بالآلاف بل بعشرات الآلاف في جميع المحافظات ومنها محافظة حضرموت ، وكذا الوفيات تسجل كل عام من هذا المرض ، وهو في حقيقة الأمر مرض فيروسي كون الناقل لهذا المرض يتشابه مع الملاريا وهو نوع آخر من البعوض .