آخر تحديث :الأربعاء-26 مارس 2025-03:53م

دوامة العنف الطائفي: هل من مخرج؟

الأربعاء - 19 مارس 2025 - الساعة 03:29 م
د.شادي البخيتي

بقلم: د.شادي البخيتي
- ارشيف الكاتب


د .شادي البخيتي


في العراق وسوريا واليمن ولبنان، لا تزال الحكومات المتعاقبة تعيد إنتاج نفسها بنفس المنهج الطائفي، مما يطيل أمد معاناة الجميع، حتى أولئك الذين يعتقدون أنهم منتصرون اليوم. فطالما استمر هذا النهج، ستظل كل طائفة ترى في الأخرى عدوًا، وستبرر لنفسها عمليات القتل والانتقام، لتجد الأجيال القادمة نفسها في صراع مستمر، لا بداية له ولا نهاية.




في سوريا، تجلت هذه المعضلة بشكل واضح، حيث قاد النظام البلاد لعقود وفق سياسة طائفية همّشت الأغلبية وأقصت فئات واسعة من المجتمع. وحين انفجر الصراع، أُريقت دماء كثيرة من كل الأطراف خصوصا السوريين السنه من قبل نظام المجرم بشار


اليوم نشهد عمليات انتقامية ضد العلويين كرد فعل على جرائم النظام. لكن إذا استمر هذا الانتقام، فسيأتي يوم تعود فيه الطوائف المستهدفة اليوم—سواء كانوا علويين أو غيرهم—للثأر، وسنشهد موجة جديدة من العنف، حيث يصبح القتل هو القاعدة والعدالة غائبة. وهكذا، ستظل سوريا عالقة في دوامة لا تنتهي، تتكرر فيها الأدوار، وتتعاقب فيها الفظائع.




إن الخضوع لهذا المنطق الطائفي ليس سوى مشروع حرب طويلة الأمد، يدفع الجميع ثمنها. والخروج من هذا المستنقع لن يكون ممكنًا إلا حين يختار الحاكم أن يكون رجل دولة، يحمي جميع مكونات شعبه، بدلًا من أن يكون زعيم طائفة يغذي الأحقاد ويقسم المجتمع.




ولعل التجربة الخليجية، والسعودية بشكل خاص، تقدم نموذجًا مختلفًا. فقياداتها تعاملت بمسؤولية مع جميع الطوائف، ووضعت الاستقرار الوطني فوق الحسابات الطائفية، مما جعلها تتجنب دوامة العنف التي وقعت فيها دول أخرى. لم يكن هذا النجاح نتيجة غياب التنوع الطائفي، بل كان نتيجة حكمة سياسية أدركت أن الدولة لا يمكن أن تُبنى على التمييز والولاءات الضيقة، بل على العدالة والمساواة وسيادة القانون.




واليوم، على القيادة السورية أن تدرك أن معاناة السوريين لعقد من الزمن تستحق دولة تحترم تضحياتهم. لا يمكن لسوريا أن تخرج من هذا النفق المظلم إلا إذا قرر الحاكم أن يكون رجل دولة حقيقيًا، لا زعيمًا لطائفة أو طرفًا في صراع. سوريا بحاجة إلى دولة تحترم كل السوريين، لا تميز بينهم، وتضمن لهم العدالة والمواطنة المتساوية، وإلا فإن دوامة العنف ستستمر لعقود أخرى، ولن يكون هناك رابح حقيقي، بل أجيال جديدة تدفع ثمن أخطاء الماضي.