على سرير صغير يعجز عن احتضان جسده الواهن، يرقد الطفل مجد ثروت عبدالله عنبول، ابن العام والخمسة أشهر، وقد أثقل المرض جسده الغض، وجعل كل حركة منه صراعًا مريرًا بين الحياة والموت، عيناه الصغيرتان تترقبان الحياة، لكن المرض ينهش عضلاته الهشة بلا رحمة، ليُطفئ شيئًا فشيئًا قدرته على الحركة، بل وحتى على التنفس.
إنه ضمور العضلات الشوكي، ذلك المرض النادر الذي لا يرحم، يختطف الطفولة من أحضان البراءة، ويجعل الأيام تمضي وكأنها عقارب ساعة تقترب ببطء من النهاية الحتمية.
لكن الأمل لا يزال موجودًا، رغم قسوة الظروف، رغم صعوبة الواقع، رغم العجز الذي يلف أسرته التي تنظر إليه بعينين غارقتين في الدموع، وهي تدرك أن طفلهما الوحيد يمكن أن يعيش، لو أن العالم التفت إليه قبل فوات الأوان ؛ في عام 2019، أطلقت شركة نوفارتس السويسرية علاجًا مبتكرًا يحمل اسم
"زولجينسما" (Zolgensma)، كأول علاج جيني لمرض ضمور العضلات الشوكي ،هذه الحقنة إنها طوق نجاة، لكنها أيضًا أمل بعيد المنال، فقد حُدد سعرها بمليوني دولار أمريكي، لتصبح أغلى حقنة في العالم.
بالنسبة لعائلة يمنية تكابد ويلات الحرب والفقر، فإن هذا الرقم ليس مجرد تحدٍّ، بل هو حكم بالإعدام على ابنهم، الذي تتلاشى فرصه في الحياة مع مرور كل يوم دون تلقي العلاج ؛لقد أطلق اليمنيون حملة تبرعات لإنقاذ مجد، لكن الواقع أقسى من الأحلام، فاليمن بلد أنهكته الحرب والأزمات الاقتصادية، والناس بالكاد يجدون قوت يومهم، فما بالك بجمع مليوني دولار لطفل واحد؟
في هذا الظرف العصيب، تتجه أنظار الأسرة، بل وأنظار كل من لا يزال في قلبه رحمة، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فهما أهل المواقف العظيمة، وأهل المبادرات الإنسانية التي لطالما أنقذت أرواحًا لا حصر لها.
إن المملكة العربية السعودية، التي لطالما كانت سندًا للمحتاجين، تملك اليوم فرصة لإنقاذ حياة هذا الطفل، إنها شهادة إنسانية عظيمة تسجل في صفحات العطاء، فهل يصل هذا النداء؟ هل تمتد يد الرحمة لإنقاذ مجد قبل أن يخطفه المرض إلى الأبد؟
كل يوم يمر دون تلقي مجد للعلاج هو خطوة إضافية نحو النهاية، فالمرض لا يمنح مهلة، ولا ينتظر اكتمال المبلغ المطلوب ، إذا لم يصل العلاج في وقته المحدد، فإن الأمل سيتحول إلى ذكرى، والدعاء سيتحول إلى رثاء، وستظل قلوب والديه مكسورة إلى الأبد ، إنها قصة إنسانية تختبر ضمائرنا جميعًا؛ فهل من مستجيب؟ هل ينتصر صوت الحياة على صمت الموت؟