آخر تحديث :الخميس-24 أبريل 2025-03:14ص

عبدالله عزام وكرامة الشهيد باعباد

الأربعاء - 14 مايو 2014 - الساعة 10:50 ص
عبدالجبار عوض الجريري

بقلم: عبدالجبار عوض الجريري
- ارشيف الكاتب


بعد غوص في أعماق الماضي القريب والذي كان محتفياً بأحد أهم الشخصيات الجهادية الإسلامية ، وبعد بحث مطول أوصلتني المعلومات على جناحي الفرحة الغامرة والفضول الكبير إلى محاضرة قديمة للشيخ العالم الرباني المجاهد القائد الشهيد عبدالله عزام - رحمة الله عليه- تحدث خلالها عن كرامات الشهداء.

ومن جملة ماذكر من الشهداء ذكر الشهيد محمد سعيد باعباد أول شهيد من الجزيرة العربية يستشهد في أرض فلسطين وهو يمني حضرمي استشهد في  24 / 4 / 1970م  الساعة الثامنة من مساء يوم الإثنين حينما كان مع قوة من المجموعة 29 في دورية استطلاعية على نهر الأردن عندما اكتشفت القوات الصهيونية أنهم موجودين في منطقة المشروع شرقي اشدوت يعقوب وذلك بعد أن أتموا المهمة التي طلبت منهم وكانوا في طريق العودة ، لما شعر العدو بهم شن عليهم هجوماً عنيف للغاية فخاض المجاهدون هذه المعركة بكل بسالة وشجاعة بالرغم من التعزيزات العسكرية الصهيونية التي وصلت لنجدة القوات المشتبكة مع المجاهدين ، فاستمر القتال لأكثر من ساعة وحاولت بعد ذلك القوات الصهيونية الاتفاف على المجموعة عندها أسرع المجاهدون كلاً يريد أن يكون هو من يحمي انسحاب رفاقه ، فأصر الشهيد محمد باعباد على أن يكون هو من يحميهم وكان أحد القادة كما قال عنه الشيخ الشهيد عبدالله  عزام ، استطاع المجاهد باعباد أن يشق ثغرة في الحصارالذي فرضته قوات العدو الصهيوني لتكون ثغرته هذه باباً إلى الجنة بإذن الله تعالى فسقط شهيداً بطلاً صنديداً روى أرض فلسطين بدمائه الطاهرة الزكية .

 

 قال عنه الشيخ المجاهد عبدالله عزام في مجمل حديثه عن كرامات الشهداء :

" الشهيد محمد سعيد باعباد من اليمن الجنوبي استشهد في فلسطين وهو قائد من القادة فذهبنا بعد استشهاده بيومين إلى أغوار الأردن لأخذ جثته وكنت أنا وبعض الأخوة ، فوصلنا إليه وكان الوقت حار جداً لأن الأغوار هي أخفض منطقة على سطح الأرض لذلك لشدة الحرارة لحم الإنسان أو الحيوان يتعفن خلال ثلاث ساعات فقط .

ووصلنا إلى مكان الشهيد محمد سعيد باعباد وكان مضى عليه يومان فوجدناه كأنه نائماً لم يتغير فيه شيء ، وأدخلت يدي في جيبه فأخرجت منديل وإذا به تفوح منه رائحة المسك والعطر كأجمل رائحة تشم .

فلما حملناه أنا والأخوة كأنه نائم جسمه مثل الحرير .

 أنتهى كلامه رحمه الله

بعد أن استشهد نقل من الأردن جواً إلى العراق حيث استقبلته في المطار جموع غفيرة ونقل بعدها إلى الكويت التي عج مطارها بالوفود والجماهير التي أرادت أن تلقي على شهيدها شهيد الأمة ودعاً أخيراً ، ونقل بعد ذلك من الكويت إلى عدن حيث كانت الجموع الكبيرة تملئ ساحات المطار الذي اكتظ بالجماهير ، فلما وصل إلى عدن هتفت الجماهير بكل إخلاص وشجاعة وبسالة هزت معها أركان الأرض كلها " لا إله إلا الله محمد رسول الله، الشهيد حبيب الله، طريق فلسطين طريق الاسلام."

ورثاه الكثير من الشعراء أبرزهم د. محمد الشيخ محمود صيام حينما قال :

 

خل عنك البكاء فليس التماد               فيه تشفى إلا صدور الأعادي

خله إنه كما قيــل فيــــــــه                غير مجد في ملتي واعتقادي

والشهيد الذي نشيّعه اليوم                  بجمعٍ مفتت الأكباد

لا يريدُ الدموع ينشدُ السير                 حثيثا على طريق الجهاد

فهو يدري أن الدموع تلاشى               وتعود الحياة كالمعتاد

بيد أن الدماء توقِظُ شعباً قد                تمادى في غفلة ورقاد

نم قريرا أبا سعيد وها هم ُ                 إخوة الروح من جميع البلاد

نم قريرا وسوف نكمل شوطا                كنت فيه من خيرة الرواد

نم قريرا وسوف نمضي على الدرب         ففينا آلاف باعبّادِ

 

وكذلك الشاعر عبدالرحمن البرغوثي :

 

ياشهيد القدس يا فادي البلاد                نلت ماكنت تتمنى من مراد

ياسعيد الاسم والحظ معا                    قد بذلت النفس في ساح الجهاد

هكذا تسن الألي من يعرب                  يوم ساروا لعلاء من غير زاد

غير زاد المصطفى في مكة                فأفيقوا يارعاة الانقياد

واغسلوا العار عن الأقصى فقد             طفح الكيل فأين الاتحاد

اتحاد الجسم لايكفى بلاء                    قلبُ إيمان يدق الاظهاد

واحفظوا العهد لأبطال الفداء                ليس في الإسلام من يرضى الرقاد

حين يرضى الظلم من قد أسلموا            فقدوا الاسلام وارتد العباد

منذ ان ثارت اسود في الحمى               ادرك الخازون ان الفتح عاد

وجزاء سوف يلقون غدا                    شأن قوم قد تردوا بالفساد

حضرموت قدمت ما انجبت                 افهمتم يارؤوس الارتداد

فأعدوا للأعادي فتية                        ترفع الراس لتطهير البلاد

واعيدوا للدنى ماجهلت                     غضبة الثوار طلاب العباد

 

كانت المجموعة الفدائية التي قادها الشهيد تحمل رقم 29، ومع أنها كانت تتبع قواعد الشيوخ للحركة الإسلامية، إلا أنها أيضاً كانت تعتبر من الناحية الرسمية من الوحدات التابعة لقوات العاصفة، الجناح العسكري لحركة فتح، وفق الاتفاق بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة فتح .

 

كلمات الشهيد التي كان دائماً يرددها

 

" لايهمني في أي لحظه يختارني فيها القدر، ولكن كل مايهمني أن أكون في ساحة الجهاد المقدس، لكي يكون موتي بداية لطريق الجنه التي وعد الله بها المجاهدين في سبيله، وسأصدق الله إلى أن تحقق الآية الكريمة: { من المؤمنين رجالا صدقوا ماعاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا }… إن أقصى ما ابتغيه وما أرجوه أن أسافر إلى الجنة بطلقة مدفع أو بصاروخ موجه… لي أملان: أولهما الجهاد في سبيل الله وقد تحقق، والثاني أن استشهد في سبيله، وقد يتحقق إن شاء الله "  أنتهى .

 

لقد تحقق لك ما تمنيت يا شهيد الأمة الإسلامية وإننا على الدرب سائرون إنشاء الله تعالى .