رفع المستشار التربوي بوزارة التربية والتعليم، عارف ناجي علي، رؤية وطنية شاملة إلى فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأصحاب الدولة والمعالي رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم، تحت عنوان “رؤية التعليم في ظل الحرب”، وذلك بالتزامن مع اقتراب موعد الامتحانات الوزارية للعام الدراسي 2024–2025، وما شهده من تحديات أبرزها الإضرابات المتكررة للمعلمين.
وأكد المستشار في رسالته أن العملية التعليمية في اليمن تواجه تهديدًا جديًا، وأن صمت الجهات المسؤولة لم يعد خيارًا ممكنًا، في ظل ما وصفه بتدهور خطير يطال التعليم من حيث البنية التحتية، غياب الخطط، ضعف التأهيل، وانقطاع المرتبات، داعيًا إلى وقفة تاريخية ومسؤولية وطنية للإنقاذ والإصلاح.
رؤية التعليم في ظل الحرب: الملامح والتوصيات
وتضمنت الرؤية تحليلاً مفصلًا لواقع التعليم في اليمن منذ انقلاب الحوثيين عام 2014، وتداعيات الحرب على البنية التعليمية والانقسام المؤسسي الذي أفرز نظامين تعليميين متباينين بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية. كما رصدت الرؤية أبرز التحديات في المناطق المحررة، أبرزها توقف المرتبات، تدهور البنية التحتية، غياب الخطط التأهيلية، وتفاوت جودة التعليم بين المحافظات.
ودعت الرؤية إلى ضرورة تشكيل لجنة وطنية شاملة لإعادة صياغة رؤية التعليم من جديد، تضم في عضويتها ممثلين من وزارة التربية، نقابات المعلمين، خبراء المناهج، أولياء الأمور، المجتمع المدني، ممثلين عن المحافظات المتضررة، ومراقبين دوليين من منظمتي اليونيسكو واليونيسف، إضافة إلى رئاسة توافقية مستقلة للجنة.
وتضمنت أبرز النقاط التي دعت إليها الرؤية:
1. تحسين أوضاع المعلمين ماديًا ومعنويًا.
2. إعادة بناء وتحديث المدارس خاصة في المناطق المتضررة.
3. توحيد وتحديث المناهج بما يعزز الهوية الوطنية.
4. إدخال التكنولوجيا وتوسيع التعليم المهني.
5. تعزيز دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم التعليم.
التمييز الجغرافي والميداني في استراتيجية التعليم
شددت الرؤية على أهمية الأخذ بخصوصية كل محافظة، من حيث الجغرافيا، السكان، الوضع الأمني، والاحتياجات الفعلية، ودعت إلى تمكين مكاتب التربية في المحافظات من التعبير عن احتياجاتها، وتقديم خطط مصغرة وواقعية، ورفع توصيات بناءً على المعطيات الميدانية.
رسالة مفتوحة بعد غياب التفاعل الرسمي
وقال المستشار ناجي إن رفع هذه الرؤية جاء بعد انسداد قنوات التواصل التقليدية، وتغييب صوت الكفاءات التربوية، مؤكدًا أن كثيرًا من المستشارين والخبراء باتوا بلا صلاحيات، رغم امتلاكهم لخبرات طويلة ومتراكمة، مع غياب أي إصلاح هيكلي في قطاع التعليم.
وفي ختام الرسالة، دعا المستشار عارف ناجي الحكومة إلى تبني ما ورد من مقترحات بروح وطنية، معتبرًا أن إصلاح التعليم هو بوابة إصلاح الدولة، مشددًا على أن التعليم يجب أن يكون أداة لبناء المجتمع، لا وسيلة للصراع.
وأرفق المستشار مع الرسالة خطة تفصيلية لإعادة الاعتبار للتعليم تشمل إصلاح المناهج، دعم التعليم في الطوارئ، دمج مفاهيم المواطنة والسلام، ووضع آليات تقييم ومتابعة مستمرة.
“عدن الغد” تنشر نص الرؤية كاملة على موقعها الإلكتروني ضمن ملف خاص بالتعليم في اليمن.
فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي
أصحاب الدولة والمعالي، رئيس الوزراء، ووزير التربية والتعليم المحترمون
الموضوع: رؤية التعليم في ظل الحرب
بعد التحية
بكل ترقب وامل يستعد طلابنا لخوض الامتحانات الوزارية التي تمثل محطة ختامية لعام دراسي اتسم بالكثير من التحديات كان أبرزها الاضرابات المتكررة التي جاءت انعكاسا للمطالب المشروعة للمعلمين وحق الطلاب في بيئة تعليمية مستقرة وعادلة وبين هذين الحقين شهدنا عاما حافلا بالمطالبات والتجاذبات التي اثرت بشكل مباشر على العملية التعليمية واليوم ومع اقتراب موعد الاجازة الصيفية يقف الجميع امام مسؤولية جماعية تستدعي التفكير الجاد في كيفية الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2025–2026 وتفيم الاعوام السابقة بما يضمن استقرار التعليم وتحقيق مصلحة جميع الأطراف وبما يعيد الثقة في المدرسة كمؤسسة للتربية والمعرفة.
فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي
أصحاب الدولة والمعالي رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم
ان التربية والتعليم هما عماد بناء الاوطان واساس نهضة الشعوب وضمانة مستقبل الاجيال وان ما تشهده منظومتنا التربوية من تدهور وتحديات خطيرة يتطلب من الجميع وقفة تاريخية جادة ومسؤولية وطنية عالية للانقاذ والاصلاح فقد بات من الواضح ان الصمت لم يعد خيارا وان الاستمرار في تجاهل الواقع يهدد حاضرنا ومستقبلنا على حد سواء، نضع بين ايديكم رسالتنا المفتوحة بعد ان سدت قنوات التواصل التقليدية وباتت اصواتنا مغيبة رغم ماتمتلكه القيادات التربوية من خبرات متراكمة اذ اصبح المستشارين والقيادات التربوية ذو الكفاءة بلا صلاحيات حقيقية مما يفوت فرص اصلاح حقيقية وانطلاقا من حرصنا الوطني وواجبنا الأخلاقي نسلط الضوء على ما تعانيه مؤسسات التربية والتعليم ونطرح من خلالها مقترحات عملية لرسم خارطة طريق اولية تعيد للتعليم مكانته ودوره في بناء الدولة والمجتمع تحت عنوان رؤية التعليم في ظل الحرب .
رغم تعدد الاجتماعات والورش التي عقدتها وزارة التربية والتعليم والمنظمات الدولية والمهتمين باليمن خلال السنوات الماضية لاعداد وتحديث الخطط الاستراتيجية للنهوض بالقطاع التربوي لا يزال الواقع التعليمي يراوح مكانه بل يمضي نحو مزيد من التدهور ويعزى ذلك بالدرجة الأولى الى اقتصار تشكيل اللجان والخطط على نطاق ضيق من الخبراء والمسؤولين دون إشراك واسع لمكاتب التربية في المحافظات او الاستفادة من الملاحظات الميدانية او مراعاة الفوارق الجغرافية والبيئية والسياسية ونتيجة ذلك تكررت الطروحات وتناسخت التوصيات دون ان تلامس جوهر المشكلة او تفضي الى حلول عملية ومستدامة.
ان الواقع الراهن يفرض ضرورة اعادة النظر في الية التخطيط والتقييم والدعوة إلى تشكيل لجنة وطنية جامعة تعيد صياغة الرؤية التعليمية من الاساس بمشاركة حقيقية من كل الأطراف المعنية بما تمليه الظروف الراهنة من مسؤولية وطنية واخلاقية تجاه المعلمين والطلاب ومؤسسات التعليم ، فالتعليم اليوم يمثل حجر الأساس لاي نهضة مجتمعية وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن خصوصا في المناطق المحررة تزداد الحاجة إلى رؤية واقعية وشاملة لإصلاح وتطوير التعليم كمدخل حتمي لاعادة بناء الدولة والمجتمع.
لقد ادى الانقلاب الحوثي عام 2014 وما تبعه من حرب الى تدمير جزء كبير من البنية التعليمية وتقسيم النظام التعليمي بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية ادى الى فوضى في المناهج وانقطاع المرتبات وتسرب الطلاب وتدهور مستوى التحصيل العلمي.
اولا: التحديات في المناطق المحررة:
1. توقف المرتبات او عدم انتظامها للمعلمين ادى إلى انخفاض مستوى الأداء المهني.
2. تدهور البنية التحتية للمدارس وغياب البيئة التعليمية المحفزة.
3. غياب الخطط المركزية لاعادة تاهيل الكادر التعليمي ادى الى افتقار كثير من المعلمين للتدريب والتاهيل علما ان الغالبية منهم من توظيفات ما قبل 2011 ومن خريجي غير مختصة .
4. تفاوت كبير في مستوى التعليم بين المحافظات نتيجة لغياب التوزيع العادل للموارد.
5. استمرار تاثير الحرب من خلال النزوح والاضطرابات الأمنية.
6. غياب الميزانية التشغيلية لوزارة التربية والتعليم الذي عكس ضعف الدعم الحكومي لقطاع التعليم حيث يتم تهميش احتياجات المعلمين من حقوق المعلمين والمدارس من تشغيل وصيانة وتجهيز مقابل تضخيم الإنفاق على القطاعات العسكرية والصرفيات غير التعليمية، ما يعيق تطوير العملية التعليمية ويؤثر سلباً على جودة التعليم واستقراره.
ثانيا: دور المجتمع الدولي في الضغط على مليشيات الحوثي
لقد تحول التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين إلى اداة تعبئة ايديولوجية وطائفية ، وهنا تبرز اهمية الضغط الدولي من قبل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والدول الراعية للسلام من اجل:
1. وقف تجنيد الأطفال.
2. ازالة المناهج الطائفية.
3. اعادة التعليم الى مساره المدني الوطني.
4. ربط الدعم الدولي بالشفافية وعدم تسييس التعليم.
ثالثا: نحو استراتيجية وطنية للتعليم
1. تحسين اوضاع المعلمين ماديا ومعنويا.
2. بناء وتحديث المدارس في المناطق المتضررة.
3. تحديث وتوحيد المناهج بما يعزز الهوية الوطنية.
4. ادخال التكنولوجيا وتوسيع التعليم الفني والمهني.
5. تعزيز مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم التعليم.
رابعا: اهمية صوت المحافظات
ينبغي ان تاخذ الاستراتيجية الوطنية بعين الاعتبار خصوصية كل محافظة من حيث الجغرافيا، عدد السكان، النزوح، الوضع الأمني، والامكانات. ويجب تمكين مكاتب التربية من:
1. التعبير عن احتياجاتها الفعلية.
2. تقديم خطط مصغرة واقعية.
3. رفع التوصيات بناء على المعطيات الميدانية.
خامسا: المطلوب من وزارة التربية ومكاتبها
على مستوى الوزارة:
1. إعداد خطة وطنية عاجلة وطويلة المدى لاصلاح التعليم.
2. توحيد المناهج وتعزيز الطابع الوطني.
3. استحداث نظام شفاف لتوزيع الموارد.
4. تاهيل القيادات التربوية ومكافحة الفساد.
5. تنشيط الشراكات الدولية.
6. اطلاق حملة إعلامية لاعادة الاعتبار للتعليم.
على مستوى مكاتب التربية:
1. تنفيذ خطة الوزارة وفق الواقع المحلي.
2. تقييم شامل للكادر والمدارس.
3. تعزيز التواصل مع السلطات المحلية والمجتمع.
4. فتح قنوات تواصل مع اولياء الامور.
5. رصد الانتهاكات بشفافية.
سادسا: المقترحات
نقترح تشكيل لجنة وطنية للنظر في واقع التعليم مع مراعاة ما يلي:
1. قرار رسمي حكومي يحدد صلاحيات اللجنة ومدتها ومهامها.
2. تحديد الجهة المرجعيةالتي ترفع اللجنة تقاريرها إليها.
3. تكوين اللجنة بتمثيل متوازن من:
- وزارة التربية والتعليم
- نقابات المعلمين
- خبراء في المناهج
- اولياء الامور
- منظمات المجتمع المدني المهتمة بالتعليم
- ممثلين عن المحافظات (خصوصا المتأثرة بالنزاع)
- ممثل من قطاع التعليم العالي
- منظمات دولية (مثل اليونيسف أو اليونسكو كمراقبين)
- رئيس ونائب من شخصيات وطنية توافقية ذات خبرة واستقلالية بالتربية والتعليم
4. اختصاصات اللجنة:
- تقييم شامل لواقع التعليم (بنية تحتية، معلمين، مناهج، فوارق جغرافية، النزاعات، التمويل).
- استقبال الملاحظات والمقترحات من مكاتب التربية في المحافظات.
- اعطاء الأولوية للكفاءات من ابناء سلك التعليم بدلا من تعيين شخصيات من خارج القطاع لما قد ينتج عنه من تضارب وازدواج في المصالح، فالمعلمون والموظفون التربويون هم الاقدر على تشخيص المشكلات واقتراح الحلول الواقعية.
5. صياغة خطة اصلاح شاملة تتضمن:
- رؤى قصيرة وطويلة المدى.
- تطوير المناهج.
- تحسين اوضاع المعلمين.
- تعزيز التعليم في الطوارئ.
- دمج مفاهيم المواطنة والتسامح والسلام.
- وضع الية تقييم ومتابعة مستمرة.
6. الدعم الفني واللوجستي:
- توفير سكرتارية فنية ومقر عمل دائم.
- تخصيص ميزانية تشغيلية.
- تسهيل التنقل وجمع المعلومات.
7. الدعم السياسي والمجتمعي:
- اشراك الاطراف السياسية في تبني مخرجات اللجنة.
- تنفيذ حملة إعلامية مرافقة لشرح اهداف اللجنة وتعزيز المشاركة المجتمعية.
دولة رئيس مجلس الوزراء
معالي وزير التربية والتعليم
ان ما ورد في هذه الرؤية يمثل خلاصة معاناة تجربة طويلة في قطاع التعليم، ونعول على حكمتكم واستشعاركم لحجم التحدي من اجل تبني هذه المقترحات بصورة عملية تعيد الاعتبار للتعليم كاداة للبناء لا وسيلة للصراع.
ودمتم بخير
عارف ناجي علي
مستشار وزارة التربية والتعليم