---
من أروع ما يبهج النفس أن نرى التحاور الأدبي الراقي والمجادلة بالحسنى حول قضايا الوطن بين شبابنا بلغة شعرية جذابة، تشنف الأذن، وتمتع النفس.
الشاعران الشابان هما: عمار عدنان غلاب الخلاقي ويوسف قاسم ماحوق الخلاقي، وهما من أفضل الشباب وأنشطهم في قيادة جمعية خلاقة الخيرية الاجتماعية بعدن، ويمتلكان موهبة نظم الشعر. وكانت بداياتهما في أماسي ولقاءات الجمعية التي يتم فيها نقاش هموم وأوضاع البلاد، فتختلف الآراء حول طرق العلاج لمثالب الواقع الحالي، لكنها تتفق في الهدف.
وقد اتحفنا الشاعرين بمحاورة شعرية رائعة جمعت في ظاهرها التناقض في طرح كل منهما، لكنها في باطنها تؤكد الاتفاق في الهدف، حيث يعتبر عمار النقد لبعض السلوكيات وكأنه معول هدم يثبط همم الناس، ويصف يوسف بأنه (من بتوع الانتقاد) رغم اقراره بنواياه السليمه، لكنه في نظره ممن تغلغل في دماغه (فيروس بن لزرق) في إشارة لضيقه من الكتابات النقدية للصحفي فتحي بن لزرق.
فيما يرى يوسف أن النقد ظاهرة صحية يجب أن نتعاطى معها بجدية بعيداً عن الانقياد الأعمى الذي يفقدنا رؤية الخطأ. فالنقد في نظره (ماهو عيب لاحد شاف غلطه وانتقد) ولا لوم أن يكون النقد حاداً، بل أن العيب هو (أن تسكت عن الغلطه وترضى بالفساد)، واصفاً عمار بـ(صديق الروح)، ويطلب منه النظر إلى البُعد بعين ثاقبة، كما في قوله:(ولو نظرنا ياصديق الروح ننظر للبعاد)..
وهكذا أبدعا في تسخير الكلمة لتجسيد نبض الشارع الجنوبي، وأثبتا أن الشعر ليس مجرد فن، بل رسالة تحمل همّ الوطن وآماله.
وبكل فخر واعتزاز، نتقدم بكلمة ثناء وتقدير لهذين الشاعرين المبدعين، متمنين لهما المزيد من التألق والإبداع الشعري الرفيع.
وأشرك قراء ومتابعتي صفحتي المتواضعة في الاستمتاع بمحاورتهما الشعرية التي بدأها الشاعر عمار عدنان يقول فيها:
يا يوسف الغالي سلامي كلما الجَاهم رعد
يا خير من شارك مع اخوانه وفَيَّد واستفاد
يا الشاعر اللي لا كتب حرفين بيسبب عُقَد
نظراته السلبيه بتغلف قصيده بالسواد
اليوم غير الأمس يا يوسف ومن جَدّ وجد
ثابر وصابر وايجيك الخير من رب العباد
اليوم معنا جيش في رهن الاشاره يحتشد
ألويه تحت الجاهزيه تمتلك أحدث عتاد
والفضل والمنَّه لرب الكون ما غيره احد
والفضل بعد الله سبحانه لمن خطط وقاد
ابن الزبيدي حامل الرايه وخيرة من صمد
في وسط ساحات المنايا اجتباه الله وساد
رحنا جمعنا فيه كلمتنا ومن يزرع حصد
واحنا معه من يوم بايعناه لا يوم الحصاد
اليوم حدد موقفك واحسب حساباتك ورد
رُويد قَلّبها وبَطِّنْهَا وخذها بالوداد
قل خير وانوه خير والاَّ غط راسك واحتفد
وذي اكرمك بالعقل وحده يلهمك درب الرشاد
هذي نصيحة اخ بيشوفك حزامه والسند
من كثر حُبَّه لك تعنى لك على ظهر الجياد
صرتوا معاول هدم يا يوسف بخاصرة البلد
ويمكن نواياكم سليمه يا بتوع الانتقاد
فيروس بن لزرق تغلغل في دماغك واستبد
وانا لك الترياق، سخرني لك الله، والمضاد
قم واللعن الشيطان واتعوذ من أعيان الحسد
ركز معي وافهم ولا تعرض وخليك العناد
احذر تجرك موجة النقاد وتقودك قود
واحذر تردِّد ذي يقولونه بتوع الانتقاد
وهذا رد الشاعر يوسف ماحوق:
انا احمده ما سَيْله اقبل وامتلت كل البلد
واسقى بلد ضاميه وتهَنَّت من السَّيْل البلاد
عالي على كرسيه فوق افلاكها واحد احد
من يطلبه من فضل جُوده جاب له ربه وزاد
عالم في اسرار الخلايق من رضي والا جحد
ومطلع ما بالخواطر من غباء والا رشاد
وبعد يا حيا بضيفي ذي وصل من دُون عدد
حيا ملا الديوان والوديان لا روس النجاد
حيا بقيفانه والحانه وما منه ورد
ذي جا يبلغني في آراءه وما عدد وعاد
قيفان منظومه تعمدني بها الشاعر عمد
وجاب فيها اوصاف قَصَّر بعضها والبعض زاد
شرح طرق عده وسيله سال ذي كثره زبد
شي ناقصه فيها وأشياء فوقها زَوَّد وزاد
ذي كنت اقول انه ليوسف في ذه الدنيا مدد
اليوم عاندني وزيَّد في خصامه والعناد
النقد ماهو عيب لاحد شاف غلطه وانتقد
ماشي ملامه ياصديقي لو يكون النقد حاد
العيب لو جاملت مخطي او من المحجا شرد
وعيب لو تسكت عن الغلطه وترضى بالفساد
لو ما انتقدنا ما تساوت في ذه الدنيا لحد
ما الكامل الا الله ذي له سبحت حتى الجراد
ما الناس لا يغروك كم ياشخص آخرها جحد
وباع نفسه آخر المشوار في سوق المزاد
انا افتخر في عزوتي والجيش منظوم العدد
والناقصه بالأمر باقي هيه قصدي والمراد
والشخص ذي تعنيه ما ذكره على لساني ورد
أما فساد اليوم شفته عم بالناس الفساد
يا كم بشر مسكين ظهره من غلا الدنيا انجلد
ماتت أسر ما حصلت داخل عدن لقمه وزاد
اما رفاقي دايماً بغزي مع كمن ولد
نحذر من الغاوي ونمشي يدنا فوق الزناد
ماساير الماكر ولا قارب لذي فيه الرمد
ونارنا لاصيه ماهي جمر من تحت الرماد
ما حد بنا بيقود أصحابه على الشَّينه قود
ولو نظرنا ياصديق الروح ننظر للبعاد
هذا جوابي لك واقوالي لها الهاجس رصد
ومن زع يجني بيده ما بذر وقت الحصاد
#علي_صالح_الخلاقي