آخر تحديث :الإثنين-10 مارس 2025-02:04م
فن

مختار القدسي: رائد الدراما اليمنية الذي أضاء شاشات الفن والإبداع

الجمعة - 07 مارس 2025 - 09:38 م بتوقيت عدن
مختار القدسي: رائد الدراما اليمنية الذي أضاء شاشات الفن والإبداع
عدن((عدن الغد))خاص

في عالم الدراما اليمنية، حيث تعاني الصناعة الفنية من تحديات متعددة، برز اسم الكاتب والمبدع مختار القدسي كأحد أبرز صناع الدراما التلفزيونية والمسرحية. يعد القدسي نموذجًا للكاتب الملتزم بقضايا المجتمع، الذي سخّر قلمه وفكره لإنتاج أعمال درامية غنية بالمضامين الاجتماعية والإنسانية، محققًا تأثيرًا لا يُستهان به في وجدان المشاهد اليمني والعربي.


وُلد مختار القدسي في بيئة ثقافية ساعدته على تطوير موهبته الكتابية منذ سن مبكرة، حيث بدأ شغفه بالفن والأدب يأخذ مسارات جدية خلال فترة دراسته. وقد أسهمت هذه الخلفية في تشكيل وعيه الدرامي، مما جعله قادرًا على تقديم أعمال فنية تعكس نبض الشارع اليمني وتعالج قضايا المجتمع بأسلوب درامي مؤثر. بدأ مسيرته الفعلية في مجال الدراما مع كتابة النصوص المسرحية والسيناريوهات التلفزيونية التي لاقت نجاحًا واستحسانًا واسعًا. وتميزت أعماله الأولى بقدرتها على المزج بين الترفيه والتوعية، حيث استطاع بأسلوبه المبدع أن يعالج قضايا الفقر والفساد والتحديات الاجتماعية بأسلوب درامي جذاب، مما جعله يحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة.


تميز مختار القدسي بأسلوبه المتفرد في الكتابة الدرامية، حيث يسعى إلى تقديم دراما تنبض بالحياة اليومية وتعكس المشاكل الحقيقية للمجتمع اليمني، مما يجعل المشاهد يشعر وكأنه جزء من العمل. يعتمد في أعماله على الحبكة القوية والمفاجآت الدرامية التي تبقي المشاهدين في حالة ترقب مستمر، كما أن العمق الإنساني حاضر في أعماله التي لا تقتصر على الجانب الترفيهي فقط، بل تحمل أبعادًا إنسانية تتناول قضايا مثل الفقر، العدالة، الحرية، وقيم الأصالة والانتماء. رغم تناوله لمواضيع جادة، فإنه يجيد استخدام الكوميديا في أعماله بأسلوب راقٍ يعكس الواقع بطريقة ساخرة تجذب الجمهور وتثير التفكير.


خلال مسيرته الفنية، قدّم مختار القدسي العديد من الأعمال الدرامية التي لاقت رواجًا واسعًا داخل اليمن وخارجها، ومن أبرزها المسلسلات التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية بأسلوب مشوق، وكذلك المسرحيات التي حملت رسائل عميقة ونقدًا لاذعًا للواقع بطريقة درامية ممتعة. كان لهذه الأعمال دور بارز في تشكيل وعي الجمهور وتسليط الضوء على قضايا لم يكن يتم التطرق إليها بنفس الجرأة والشفافية.


ومن أبرز الأعمال التي كتب مختار القدسي نصوصها:


مسلسل "دروب المرجلة" (جزءان)، الذي تناول بأسلوب درامي مشوق قصصًا من بيئة المجتمع اليمني، وسلّط الضوء على قيم الشجاعة والنخوة والتحديات التي تواجه الأفراد في طريقهم لتحقيق العدالة والكرامة.

مسلسل "خلف الشمس"، الذي قدم قصة اجتماعية عميقة تتمحور حول الصراع بين الخير والشر، وسلط الضوء على معاناة الطبقات الفقيرة وسط مجتمع مليء بالتحديات.

مسلسل "حكاية سعدية"، وهو من الأعمال التي عكست واقع المرأة اليمنية والتحديات التي تواجهها في المجتمع، وقد استطاع المسلسل أن يحقق انتشارًا واسعًا بفضل قصته الإنسانية العميقة.

مسلسل "قبل الفجر"، الذي تناول قضية الظلم الاجتماعي في سياق درامي مشوق مليء بالمفاجآت والصراعات التي تلامس وجدان المشاهد.

مسلسل "الطريق إلى الجحيم"، الذي سلط الضوء على قضايا الفساد والاستغلال، مقدّمًا حبكة درامية قوية تعكس صراع الخير والشر داخل المجتمع.

المسلسل الكوميدي "حارة المساكين"، الذي استخدم الكوميديا لنقد بعض العادات الاجتماعية السلبية، بأسلوب ساخر لكنه يحمل في طياته رسائل مهمة حول التعايش والعدالة الاجتماعية.

المسرحية الاجتماعية "أحلام في مهب الريح"، التي تناولت موضوع الهجرة وتأثيرها على الأسر اليمنية، في إطار درامي عاطفي وإنساني قوي.

مسرحية "الوريث"، التي قدمت رؤية نقدية لموضوع الصراعات الأسرية على الميراث، مسلطة الضوء على الجشع والطمع الذي قد يدمر العلاقات العائلية.

لا شك أن تأثير مختار القدسي في الدراما اليمنية واضح وكبير، حيث استطاع أن يكون جسرًا بين التراث الفني اليمني والحداثة الدرامية، مما ساعد على تعزيز هوية الدراما اليمنية في ظل تحديات الإنتاج والتمويل. وقد لعب دوره كمؤلف درامي دورًا مهمًا في إرساء أسس دراما يمنية قادرة على المنافسة، رغم العقبات التي تعترض الإنتاج الدرامي في اليمن. لم تكن رحلته خالية من التحديات، إذ واجه صعوبات في الإنتاج والتوزيع، خاصة في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه اليمن. ومع ذلك، لم تثنه هذه العقبات عن الاستمرار في تقديم أعمال متميزة، حيث استطاع بإصراره وإبداعه تجاوز هذه التحديات وصناعة تأثير دائم في المشهد الفني.


يظل مختار القدسي نموذجًا للكاتب الدرامي الذي جمع بين الإبداع والرسالة، ليترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الدراما اليمنية. وبفضل إصراره على تقديم دراما تعكس هوية المجتمع اليمني وتتناول قضاياه، فقد نجح في رسم ملامح تجربة درامية جديرة بالاهتمام. وفي ظل هذا التألق المستمر، يبقى السؤال: ما الذي يمكن أن تقدمه الدراما اليمنية مستقبلًا، وكيف يمكن الحفاظ على إرث أمثال مختار القدسي ليظل حاضرًا في وجدان الأجيال القادمة؟