تقرير يتناول عملية إطلاق سراح اللواء فيصل رجب وردود الأفعال بشأنها..
هل وراء الإفراج عن رجب غزو "ناعم" للمحافظات الجنوبية؟
كيف استثمر الحوثيون هذا الملف الإنساني سياسياً؟
هل هي أول عملية للإفراج عن الأسرى بوساطة محلية؟
لماذا تم شيطنة حسن النوايا للوفد القبلي وتحميله أكثر مما يحتمل؟
ألا يستحق جهد الوفد القبلي الشكر والثناء؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
ثار جدل واسع حول طريقة الإفراج عن أسير الحرب لدى مليشيا الحوثي، القائد العسكري اللواء فيصل رجب، مع موجة من ردود الأفعال ما بين مؤيد لها ومعارض.
وقبل أيام توجه وفد قبلي جنوبي إلى العاصمة صنعاء ينتمي إلى محافظة أبين، حيث مسقط رأس القائد العسكري فيصل رجب، بغية الإفراج عنه من سجون الحوثي، منذ أن وقع في قبضتهم عشية اجتياحهم محافظة عدن أواخر مارس/آذار 2015.
في 10 أبريل/نيسان 2023، تم الإفراج عن الأسرى والمعتقلين في إطار جهود الأمم المتحدة ووساطة من قبل الصليب الأحمر الدولي، ولم تشمل الصفقة القائد العسكري "رجب"، وهو المشمول بالقرار الأممي 2216.
وبينما الوفد التفاوضي للحكومة المعترف بها دوليا، يؤكد أن "رجب" كان من ضمن اتفاق اطلاق الأسرى "الكل مقابل الكل"، وأن الحوثيين أصروا على تأجيله إلى الدفعة الثانية من التبادل بشكل متعمد، إلا أن هناك من رأى أن تقصيرا وتهاونا من الوفد التفاوضي كان يقف وراء عدم إطلاقه، وتم وضع الأولوية لشخصيات عسكرية في تلك الصفقة، لمن هو أدنى منه تراتبية عسكرية وقيادية.
> استثمار سياسي لملف إنساني!
تفاوتت ردود الأفعال على الطريقة التي تم بها الإفراج عن القائد العسكري فيصل رجب، ما بين مؤيد ومعارض.
فالفريق المعارض للطريقة رأى أن حرية الرجل استحقاق، وأنه ضمن اتفاق إطلاق الأسرى "الكل مقابل الكل"، وليس للحوثيين أي فضل، بل أنهم هم من سجنه من دون أي حقوق، ولم يسمح له بالتواصل حتى مع عائلته لثمان سنوات، هي مدة احتجازه في معتقلاتهم.
وعد هذا الفريق ما حدث مجرد مسرحية حصان طروادة (الوفود)، لن تنطلي حتى على الأطفال، ويعلم كل ذي عقل أن تأخير إطلاق سراحه ضمن الدفعة الأولى مع رفاقه كان تمهيدا، لمحاولة تبييض وجه الجماعة الحوثية بهذه المسرحية السخيفة!.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الجبزي إن الحوثي بحركته يؤكد محاولته في تجاوز الشرعية بالقفز نحو أطر فوق وطنية كالسعودية أو أدنى كالقبيلة.
وعلق وكيل وزارة حقوق الإنسان ماجد فضائل في تغريده له بتويتر عن هذا الحدث بقوله: إن القائد العسكري فيصل رجب كان من ضمن صفقة التبادل في المرحلة الثانية، وإن الحوثي يستثمر هذا الملف الإنساني سياسيا وإعلاميا وبشكل مستمر وبطريقة لا إنسانية.
> لعبة صفرية.. وبوابة عدن الشرقية مستهدفة!
من المتابعين من رأى أن هذا السلوك من قبل الحوثي تسويقا لمشروعه جنوبا وعبر محافظة أبين، التي تحظى بأهمية كبيرة من الناحية الجيوسياسية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الجبزي أن هذا الوفد قد يكون أول وفد قبلي جنوبي يتعامل مع الجماعة الحوثية منذ اجتياحها للمحافظات الجنوبية 2015.
ولفت الجبزي إلى أن الإفراج عن معتقل يستحق أي جهد، لكن فيه إذلال لقائد عسكري لم يكن قاطع طريق، إنما كان يدافع عن الدولة وشرفه العسكري.
وأشار الجبزي إلى أن الحوثي يريد محافظة أبين مسطحة ومجموعة مشايخ، يقودهم هاشمي موال لقائد الجماعة عبدالملك، بمعنى آخر أنه لا يريد شركاء، إنما اتباع في جغرافيا هي البوابة الشرقية لعدن، تشعر بالحرمان والإقصاء والتهميش والفقر.
وحذر الجبزي من مخاطر استمرار اللعبة الصفرية وبرعاية "رئاسية"، مما يعني فقدان جغرافيا يمنية نصيرة لليمن الاتحادي ومخزن عسكري فذ ومعادلة توازن هامة.
وذكر الجبزي الجميع بأن الحوثي لا يجيد لعبة أفضل من استغلال هذه الفجوات والشقوق لينفذ منها، فهو لا يريد أبين العسكرية وأبين القادة، إنما يريد أبين صفر قدرات.
> نوايا حسنة للوساطة.. تم شيطنتها!
الفريق المؤيد للوساطة القبلية رأى أنها لم تكن الوساطة الوحيدة التي جرت في البلاد، فهناك العديد من الوساطات المحلية جرت في محافظات أخرى من اليمن، وليست الوساطة التي قامت بها بعض قبائل أبين المنتمية للقائد العسكري رجب هي الوحيدة.
على سبيل المثال صفقات تبادل الأسرى والمعتقلين بين محافظة تعز ومأرب والحوثيين جرت خلال سنوات الحرب بوساطة محلية وحزبية وقبلية للإفراج عن عسكريين ومدنيين، ومرت هذه الوساطات دون تخوين أو شيطنة لها.
كما جرت عدة وساطات لتبادل الأسرى بين السعودية والحوثيين، والحرب مستعرة بينهما، ومعظم الصفقات كانت تتم بين الطرفين دون إشراف أممي.
وهناك من ذهب في دفاعه أبعد من ذلك بقوله: اليمن ماتزال جغرافية واحدة، وإن العديد من القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية والأمنية، ماتزال تعمل في إطار سلطة الأمر الواقع للحوثيين، وفي مناصب رفيعة، ولم يتم "شيطنة" تلك المنطقة أو المحافظة واتهامها "بالحوثية"!.
أيا يكن ما حدث، فإن الإفراج عن القائد العسكري فيصل رجب، لا يمنع من الاحتفاء به بمناسبة خروجه من المعتقل ونيله حريته.
قد نتفق مع أن ما جرى للقائد رجب استثمار سياسي من قبل الحوثيين، إلا أنه في الوقت نفسه لا ينبغي أن نقلل من أي جهد يسعى لانتزاع الأسرى والمعتقلين والمختطفين من سجون ومعتقلات الحوثيين، تحت أي ظرف وبأي طريقة، بوساطات محلية وقبلية أو بإشراف أممي، فالفعل أولا وأخيرا إنساني، ولا ينبغي "تسيس" هذا الملف أكثر مما يجب.

