عشر سنوات مرت منذ أن اختطفت مليشيات الحوثي القيادي والسياسي البارز محمد قحطان، وأخفته قسرًا بعيدًا عن أهله وأحبته، في واحدة من أبشع جرائم الاختطاف السياسي التي شهدتها اليمن. عشر سنوات لم يره فيها أحد، لم يسمع صوته أحد، ولم يصل إلى أسرته أي خبر عن حاله أو مصيره، بينما تستمر المليشيات في استخدام قضيته ورقة ابتزاز سياسي لا تخجل من المتاجرة بها.
إن ما يتعرض له محمد قحطان ليس مجرد اختطاف، بل هو جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان. حرمانه من التواصل بأسرته، وإخفاء مكان احتجازه، ومنع أي جهة حقوقية أو إنسانية من زيارته، يكشف الوجه الحقيقي لهذه المليشيات التي لا تلتزم بأي أعراف أو قوانين.
رفض الحوثيين إدراج اسمه في صفقات التبادل
وعلى مدار السنوات الماضية، وفي كل صفقة تبادل أسرى تمت بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي، رفضت الأخيرة إدراج اسم محمد قحطان ضمن قوائم التبادل، مُصرةً على إبقائه رهينةً لابتزازاتها السياسية، في تصرف يكشف بوضوح مدى استغلالها لهذا الملف الإنساني لتحقيق مكاسب تفاوضية.
معاناة المعتقلين في سجون الحوثي.. تعذيب ممنهج وانتهاكات جسيمة
قضية محمد قحطان ليست حالة استثنائية، بل هي نموذج صارخ لما يعانيه آلاف المختطفين في سجون الحوثي، حيث التعذيب النفسي والجسدي، والإخفاء القسري، والإهمال الطبي المتعمد. هؤلاء المعتقلون يواجهون ظروفًا غير إنسانية، ويتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات، وسط صمت دولي مخزٍ وتقاعس منظمات حقوق الإنسان عن ممارسة أي ضغوط جادة للإفراج عنهم.
لقد عشت بنفسي هذه المعاناة، حينما اعتقلتني مليشيات الحوثي لمدة ثلاثة أعوام، تعرضت خلالها لأبشع أنواع الظلم والانتهاك، ووضعتني تحت الإقامة الجبرية بعد الإفراج عني. ما رأيته في السجون الحوثية يفوق كل التصورات، حيث يعاني المختطفون من التعذيب الوحشي، والحرمان من الطعام والدواء، والعزل التام عن العالم الخارجي.
المطالبة بالحرية.. مسؤولية وطنية وأخلاقية
عشر سنوات مرت على اختطاف محمد قحطان، وهي كافية لتكشف حقيقة هذه الجماعة التي لا تعرف سوى لغة القمع والاختطاف. إن استمرار احتجازه وإخفائه، رغم كونه ضمن اتفاقات تبادل الأسرى، يثبت أن الحوثيين ليسوا طرفًا يمكن الوثوق به أو التعامل معه في أي مفاوضات.
وعليه، فإن الواجب الوطني والإنساني يحتم علينا جميعًا تصعيد ملف المختطفين والمخفيين قسرًا، والضغط بكل الوسائل للإفراج عنهم دون قيد أو شرط. محمد قحطان ليس مجرد اسم، بل هو رمز للحرية، وصموده في وجه الطغيان الحوثي هو صمود لكل الأحرار في اليمن.
آن الأوان لإنهاء هذه المأساة، وإنقاذ المختطفين من بطش السجان الحوثي، وفضح جرائمه أمام العالم أجمع.