( غُلِبَت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بعض سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم )
سجَّلَ الله هذا الحدث ليتبين من خلاله مدى تأثير الأحداث المحيطة بنا في حياتنا العامة وتأثيراتها الخاصة على المؤمنين فجاء ذلك في عدة أبعاد :
أولها : تأثير صراع القوى الكبرى حيث دار الحديث عن الصراع بين قوتين عظيمتين في ذلك الزمان فارس والروم
ثانيها : تحديد نسبة التأثير ، مع أن الصراع دائر بين قوتين كافرتين لكنه مال مع القوة الأقرب للإيمان فالروم أهل كتاب والفرس عباد نار ، والحزن لغلبة الفرس أو الفرح بغلبة الروم معنوي
ثالثا : البعد الزماني حيث انشغلت القوتين بمغالبة بعضهما البعض لبضع سنين وفي هذه المدة كان المسلمون يعظم أمرهم في بلاد الجزيرة والإسلام يتمدد
رابعا : البعد المكاني : (في أدنى الارض ) بيان أثر الصراع الذي يقع في أماكن قريبة أو بعيدة ولكنها مهمة "استرايجية"
خامسا : انتظار مآلآت الصراع واتخاذ المناسب لها ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) وكأن سؤالا ينشأ في الفراغ إن كانت الفرس غلبت أولا والروم ثانيا فماذا فعلتم لنصركم أو نحو هذا ؟! فلا ينبغي أن يتداول أهل الباطل الجولات وأهل الحق يتفرجون
سادسا : الإيمان بوجود التدبير العام من الله الذي سيقضي على كل الحسابات المخالفة لسنة الله ( لله الأمر من قبل ومن بعد)
سابعا : يحق للمؤمنين أن يفرحوا بانتصار بعض قوى الشر على بعضها وقد أذن الله لهم في ذلك ما يعني أن الله يدبر مافيه الخير من صراع أهل الباطل وأن لطف الله وحسن تدبيره للمؤمنين سيظهر ويعرفون عناية الله بهم بما يقضيه في هذا الكون وأن بعض الشر أهون من بعض
فلا يفوت المسلم أن التاريخ يعيد نفسه وأن الصراع في العالم بدأ يأخذ مأخذ الجد ، ولا نكون كمن قال فيهم شاعر الحكمة الشريف الرضي :
أنذرنا الدهر وما نرعوي * كأنما الدهر سوانا عنى
محمد العاقل