آخر تحديث :الإثنين-31 مارس 2025-09:32م

دعوى.. لكن لا أدلة

السبت - 08 فبراير 2025 - الساعة 09:59 م
عبدالجبار ثابت الشهابي

بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب


عبدالجبار ثابت الشهابي


لا يختلف اثنان؛ على أن مايسمى راتبا الٱن؛ أصبح دعوى لادليل عليها ولا قرينة، وخصوصا بعد أن فقد هذا المسمى (راتب) أكثر من 90 في المئة من قيمته الفعلية؛ جراء التعويم المتواصل لقيمته في السوق، والإصدارات الورقية التي تتم دون أي تغطية مالية تذكر، فيما بقي الريال القديم؛ الذي تمكن الانقلابيون الحوثيون من الاستيلاء عليه في حينه، بالتعاون مع كثير من البنوك، ومحلات الصرافة، والمرتزقة.. بقي محافظا (أي الريال القديم) ليس على قيمته فحسب؛ بل وعلى كونه عملة محتكرة، مكرسة لحكومة الانقلاب، غير مسموح لها بالوصول إلى المناطق المحررة؛ إلا تهريبا، فيما يتعرض ريال الشرعية لمختلف انواع التضييق في مناطق ومحافظات سلطاتهم.

نقول: هذا الريال الشرعي الذي لم تتوقف طباعته عند حد؛ أصبح ينهب قيمة هذا المدعو راتب) صباح مساء، وأصبحنا نغدو على سعر، ونمسي على سعار، فيما هذا (المدعو راتب) واقف في قوائم المالية، رغما عن أنوفنا،(هو هو) قبلنا أم أبينا، ممنوعا من الحركة، حتى غدا عاجزا تماما، حتى عن توفير قيمة الفاصولية والرغيف، وحتى بات الكثيرون يلجأون إلى مزاحمة المواشي في شراء الرغيف البائت، أو باقتناص الأوقات المناسبة لأخذ التوالف من القمامات؛ ليتمكن الٱباء من إطعام صغارهم، الذين خويت بطونهم، وسكنتها ٱلام المجاعة غير المعلنة، بسبب إصرار المختصين الذين يستلمون رواتبهم بالدولار، وبالريال السعودي؛ على أن ما يدفعونه لنا بالريال اليمني (المرفس) هو الراتب الذي كنا نستلمه بالضبط عام 2010م، ورغما عن أنوفنا، وإن كانوا لا يكلفون أنفسهم بإقناعنا بعلة استلامهم هم رواتبهم بالعملات الصعبة، وبهيكل مختلف عن هياكلنا، التي فيها السادة، وعيال السادة، وبنو الأمة، وبنو الأمة السوداء، وإلى ٱخر ما تشي به الهياكل القائمة.

وإزاء هذا لانملك إلا أن نقول: رحم الله الأيام السبع المجيدة، لقد خرج الناس فيها مرغمين على المطالبة بتخفيض الرواتب، على الأقل أن الناس كان عندهم هيكل موحد، ويستلمون رواتبهم بالدينار اليمني الجنوبي الشامخ، وعلى (دائر مليم) وكل الناس سواسية، وعلى الأقل أن المساواة في الظلم عدالة، كما يقال!!

أما اليوم؛ فالمسمى(راتب) لم يتغير كثيرا، ولم ينقص، لكنه إذا نزل إلى السوق نجده كذبة كبيرة، ودعوى دون دليل.. فهذا المسمى (راتبا) قتلنا في الواقع جوعا، وحاجة، ومذلة، وفوق ذلك لايصل إلينا إلا بشق الأنفس!! وإذا وصل؛ تمزقت الأحلام، وأنت لاتكاد بصدد دفع نصف ماعليك من الديون، التي كنت حريصا طيلة الشهور السالفة على ألا تكون، فكيف لو وسوس لك إبليس الرجيم، أعاذنا الله منه، وقلنا نشتري قطعتي سمك (ثمد) وشيئا من الخبز(مخبازة) ماذا نفعل، وقد خذلنا هذا (الرويتب)؟! وماذ يقول رب البيت لأطفاله، ولأم العيال، وقد مناهم الأماني طيلة أيام الجوع والحرمان، ولو بغداء محترم ليوم واحد؟! هل يذهب إلى قمامة المخبازة، ويهرق ماء وجهه، ويشاغب القطط الجائعة؟!

لقد طال عذابنا بهذا الراتب، في مقابل رفه يتخم معد طائفة من الوحوش، الذين لا يفكرون البتة بالوطن، ولا بالوضع، ولا بحال الناس..

إلى متى يظل الجوع يعبث ببطون أطفالنا يا من تتحملون أوزار هذه الحال أمام الله؟! لماذا تظل هذه البلاد رمزا للفقر والجوع، وهي من أغنى بلاد الله بثرواتها النفطية، والمعدنية، والزراعية؟! لماذا نسمح بهذا العبث، ولا نفتش عن الحلول كما فعل غيرنا؟! لماذا نسمح لكل عابث أن يلعب بمصير ملايين الناس؟! وكل من جمع قبيلته، وولى(هبيلته) بأسلحته تسلطن، وتفرعن علينا؟! إلى متى تبقى الدولة ضائعة، والمجاعة شائعة، وكأنه لا عقل ثمة ولا تدبير؟!

نقول لكم من الأخير: لقد ضاق الحال، وتحولت أم المدن (عدن) إلى قرية منزوية جريحة، مهانة، وسكانها إلى أشباح جوعى، تحلم بما يحلم به البشر، ولو بقليل من الخبز، وشيء زهيد من الكهرباء!!