عبدالجبار ثابت الشهابي
ليس أسوأ، ولا أنكى من أن يجد الصحافي، أو الكاتب عموما؛ نفسه يكتب؛ لتحشى مقالاته في بطن سلة المهملات، عنوة، وعن سبق إصرار وترصد،لأن هذا الصحافي، أو هذا الكاتب يختلف فكريا مع هذا أو ذاك ممن بيدهم تحريك المواد المعدة للنشر بالإجازة، أو المنع من النشر.
الأشد إيلاما أن يغدو هذا الكاتب؛ الذي أمضى عمره يغازل الأحرف والكلمات، ويصوغ من الأحجار عقودا من اللؤلؤ والألماز؛ أن يغدو هذا الشائب بعد كل ما قدم وتقدم يستجدي بكل ما له من الحق على الغير، ولو بعض الوفاء.. ولو بعض العرفان بالجميل.
إنهم يريدون منك أيها الكاتب أن تكون فقط ترجمانا لأهوائهم.. ملمعا لوجوههم البشعة.. مروجا لسلعهم الكاسدة.. يريدون إلغاءك، وإلغاء عقلك، والضحك على شيبتك، وأنت تذبح قناعاتك.. تجمل لهم القبيح، وتناصب الصحيح، وتقول للناس بالعربي الفصيح، الصريح: إن لون الشمس معتم.. مالم؛ فلن تحظى كتاباتك بالنشر، وأنت عندئذ عليك الاختيار: إن شئت فاصمت!! أو إن شئت فاشرب كأسك من سم الإهمال، أو فاشرب إن أردت من ماء البحر!!. كما تحب أنت، وكما ترضى أنفتك!!
هكذا يتم معاملة من لم يدخل في هواهم، أو بمعنى أوضح؛ من لم ينخرط في منظماتهم المشبوهة، المحلية والدولية، ولم يأكل من مائدتهم العفنة..
فبالله عليكم؛ ماذا عساه أن يفعل المرأ، وقد مر العمر، واختلطت الحياة بالمرارات، خصوصا في هذا الزمن الأجرب، وسقتنا مع من سقت من كؤوسها علقما.. ماذا عساه أن يفعل، وقد تسيد العفن، وقمع أهل الحق، وصناع الأمل؟!
لاتقولوا لي: يسكت!! فالسكوت عند رجل أبي مثله موت، وكيف يموت من مازال يفكر؟! وكيف يموت من مازال يميز الصحيح من السقيم، ويرسم بأنامله أجمل اللوحات؟! ومن مازال يأمل بغد فتي، قادم، مشرق، في وطن شامخ، أنف، موحد، عظيم؟!