قام وزير النقل اليمني صالح الجبواني نهاية الشهر الماضي بتوقيع إتفاقية تعاون مع الجانب التركي، تقضي بتشكيل لجنة من الجانبين لوضع مسودة إتفاق لتطوير موانئ ومطارات اليمن، والسماح للاستثمار التركي داخل البلاد خاصة في قطاع النقل.
هذا الفعل الذي قام به صالح الجبواني يعزز فرص دعم اقتصاد اليمن، ويعتبر يمنياً عمل جبار سيعود بالفائدة على المواطن اليمني بلا شك.
لكن ثمة جهة لم يروق لها هذا الإتفاق، هذه الجهة التي يمثلها سفير السعودية في اليمن محمد آل جابر، أوعزت للحكومة اليمنية لإعتبار تلكم الإتفاقية التي وقعها وزير النقل في أنقرة شخصية وليست رسمية، وبناءً على هذا أصدرت الحكومة اليمنية بيان قالت فيه أن الإتفاقية لا تمثلها بل تمثل موقف صالح الجبواني الشخصي وليس الرسمي، وعلقت الحكومة أن هدفها محاربة الحوثي في إشارة ضمنية إلى أن تطوير البنية التحتية ليست من أهدافها التي تسعى لتحقيقها!
موقف الحكومة اليمنية المخزي الذليل الذي يعبر عن مدى حالة الإرتهان التي وصلت إليها ناجم عن تخبطها السياسي، وفقدانها لبوصلتها الوطنية المتعلقة بسيادة البلاد.
بلغة العقل والمنطق والمصالح والسياسة والاقتصادية فإن الإتفاقية التي وقعها صالح الجبواني ينبغي أن تحظى بدعم الشرعية اليمنية كونها تعزز فرص نمو اقتصاد البلاد، وتساهم بشكل كبير في بناء بنية تحتية متطورة بعد هلاك البنية التحتية اليمنية بسبب الحرب المستمرة منذ ست سنوات، لكن ذلك لم يحدث، فالشرعية اليمنية فاقدة لهويتها، ولم يعد لها موقف مستقل ينم عن استقلاليتها في إتخاذ القرار للأسف.
أما من ناحية السعودية فموقفها السيء برفض الإتفاقية التي تعتبر شأن يمني داخلي يعبر عن تقصيرها "المتعمد" تجاه اليمن، وإلا ما رفضت إتفاقية ستساعد على تحسين قطاع مهم من القطاعات الاقتصادية للبلاد.
مشكلة السعودية أنها لم تعد تعرف ما تريد في اليمن، فمن جانب ترفض تدخل أي دولة لمساعدة اليمنيين على النهوض وتحسين أوضاعهم، ومن جانب آخر لا تسمح لنفسها للقيام بهذه المهمة التي تمثل أحد ركائز دعم الشرعية وهو الهدف المعلن الذي لأجله جاءت السعودية إلينا.
على الشرعية اليمنية مغادرة السعودية بعد عجز الثانية عن تقديم الحلول المناسبة لأزمات اليمن، والتوجه لأي جهة إسلامية أخرى، ما لم يحدث هذا ستظل اليمن تحت أكوام الأزمات، وداخل عنق الزجاجة إن ظلت الشرعية في الرياض وعلى تحالف مع السعودية.
السعودية دولة فاشلة "بأمتياز" لم تنصر نفسها وتنهض بقدراتها، فكيف ستنهض باليمن وهي تمنع عنه كل أشكال الدعم؟!