تتصاعد حدّة شكاوى مُلّاك السيارات والعديد من الأنشطة الإنتاجية في اليمن من انتشار مفاجئ لوقود مغشوش في صنعاء والعديد من المدن، ما كبدهم خسائر بسبب الأضرار التي تعرضت لها المركبات والآلات والمشاغل ومحطات إنتاج الكهرباء.
أمجد راوح، سائق سيارة، قال لـ"العربي الجديد" إنه توجه بسيارته مباشرة بعد تعبئتها من إحدى محطات الوقود في صنعاء إلى ورشة ميكانيكية لإصلاحها، بعد أن لاحظ اهتزازها وتوقف ماكينتها أكثر من مرة.
الأمر ذاته حصل مع وهيب عبد الواسع، الذي قال إنّ إصلاح سيارته سيكلفه مبلغاً كبيراً، فيما لم يدرك حسام قايد أن ما يحصل مع سيارته التي شعر بارتجاجها أكثر من مرة وتوقفها، بسبب البنزين المغشوش، إلّا عندما ذهب بها إلى إحدى ورش إصلاح السيارات.
ووجه ناشطون انتقادات حادة لشركة النفط اليمنية في صنعاء لصمتها وعدم تحركها تجاه قضية انتشار الوقود المغشوش الذي يكلف خسائر بمليارات الريالات، ولا تتوقف الأضرار عند المركبات والسيارات فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل المصانع ومحطات الطاقة الكهربائية، والمعدات والآلات الخاصة بآبار المياه التي تعمل بالمشتقات النفطية، إذ تتعرض مختلف هذه الآلات والمعدات لأضرار بالغة نتيجة استخدامها الوقودَ المغشوش، ويكلفها مبالغ طائلة بالنظر إلى التكاليف المرتفعة للقطع التي قد تتضرر وتحتاج لاستبدالها أو صيانتها. ولاحظ مواطنون انقطاعاً متواصلاً للكهرباء في أوقات متعددة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أرجعه قائمون على تشغيل العديد من المحطات إلى تضرّرها من الوقود المغشوش.
في المقابل، نأى مُلّاك محطات تعبئة الوقود بأنفسهم عن هذه المشكلة، مؤكدين أنه لا علاقة لهم بأي شحنة مغشوشة متداولة في محطاتهم التي تحصل على الوقود الذي قد يكون مخلوطاً بماء أو أي مواد أخرى من شركة النفط اليمنية.
ويلفت مختصون في مجال النفط إلى نقطة مهمة في هذا الصدد، وهي أنّ خزانات الوقود في ميناء الحديدة وميناء رأس عيسى تعرضت أكثر من مرة خلال الفترة الماضية لقصف إسرائيلي مكثف، ما ألحق أضراراً بالغة بها، وتسبب بحرائق ضخمة استمرت لأيام، لكن لم تقدم الجهات المختصة مثل الشركة اليمنية للنفط في صنعاء أي توضيحات بهذا الخصوص، ومدى الأضرار التي لحقت بهذه الخزانات، وما إذا كان لها علاقة بشحنات الوقود المغشوشة المنتشرة في الأسواق.
وأثارت الشركة اليمنية للنفط في صنعاء جدلاً واسعاً، بعد بيانها الذي حذرت فيه المواطنين من شراء المشتقات النفطية غير المطابقة للمواصفات، وذلك لما قد تسببه من أضرار جسيمة على المركبات والمعدات، إضافة إلى المخاطر التي تهدد سلامتهم وسلامة الآخرين.
في السياق، قال الباحث الاقتصادي محمد فيصل حيدر، لـ"العربي الجديد": "إنه لم يعد هناك شك بأن الشحنة الأخيرة من البترول مغشوشة، بعد أن تعطلت آلاف السيارات والمركبات في مختلف المحافظات اليمنية، وأصبح المواطن يتحمل تكاليف إصلاح باهظة بسبب فساد لم يعد خافياً على أحد، مضيفاً أن الأمر لم يعد مجرد شكوى فردية أو حالات معزولة، بل تحول إلى كارثة تمس الجميع، ويرى حيدر أن هناك من يتربّح من المتاجرة بالمواد المغشوشة، وهناك من يتعمّد إغراق البلاد بها.