الأربعاء قبل الفائت 11 فبراير 2025م، لبست سماء مديرية بيحان السواد، والحزن خيم على قلوب كل من عرف هذا الرجل الاستثنائي الفريد الذي يعد علامة من أصول معاني النبل ونموذجًا رفيعًا للقائد المحنك. حيث كان في العلم والمعرفة فريدًا، وكان للإنسانية والأخلاق الرفيعة سفيرًا وخير عنوان - ليست كل تلك الصفات الحميدة كانت تميزه عند حدود بيحان وشبوة فقط، بل كانت مسكونة بداخله ومرافقة له في حله وترحاله على طول وعرض الجنوب واليمن كافة، ومحيطه العربي الواسع.
الأستاذ عبدالله القادري: نال شرف الأستاذية بعد أن انتقل معلمًا ثم مديرًا لأحد مدارس بيحان، وكان قبل ذلك عقيد ركن طيار خريج روسيا في ثمانينات القرن الماضي.
أبعده نظام صالح لمواقفه الرافضة لتهميش الكوادر الجنوبية وكان مناضلًا حقوقيًا منذ البدايات الأولى لظهور سياسة محو الهوية ومرحلة التهميش والإبعاد القاسية.
بالضبط بعد حرب 94، تمكن منه النظام وأبعده عن عمله وأجبره على الجلوس في البيت برتبة عقيد ركن طيار - لم يستسلم القادري وظل مناضلًا حتى قبل ثورة الحراك، ومع الحراك كان ضمن الصفوف الأولى للمناضلين الجنوبيين - بعد ذلك كان انتقاليا شريفًا لن ينجز إلى غريزة اللهث وراء المناصب بعيدًا عن معركة السلب والنهب التي رافقت ولا زالت جزءًا من فشل وفساد الانتقالي - كان يحظى باحترام الجميع، توسعت علاقاته ونشر أخلاقه الطيبة في كافة محافظات الجنوب واليمن كافة، وأينما حل ترك بصمة حب ومودة ووداد. وما كلماتي هذه في موضوعي هذا إلا الشيء البسيط مما تركه بداخلي هذا الرجل النزيه عندما التقيته أكثر من مرة في أبين خلال زياراته المتكررة لأصهاره الطيبين آل سالم أحمد بمنطقة حصن بن عطية، محافظة أبين.
امتد تأثيره السياسي مع الحراك ووصل إلى الرؤساء علي ناصر محمد وعلي سالم البيض، وكان خير من يمثل بلاده بيحان لدى هؤلاء الرؤساء والسياسيين الكبار الذين تركوه وحيدًا في مصارعة محنته وحل مشكلة إبعاده، حتى في ظل شراكة الزبيدي بالعليمي ظل مقعدًا يحمل ملفه المشرف ويتنقل به بين أروقة الانتقالي والشرعية دون جدوى.
كان طيب القلب رغم قساوة أنظمة الدولة المتلاحقة، صمد وتخرجت من بين يديه أجيال في المدرسة التي علم فيها وأدارها. رحل أخونا الحبيب وصديقنا الأعز، عقيد ركن طيار الأستاذ عبدالله القادري، تاركًا للشعب تاريخًا مشرفًا في النضال والنزاهة والقيادة والأخلاق.
رحل الأستاذ القادري، وبرحيله نعزي شبوة وبيحان وكافة أبنائه وأسرته الكريمة وأهله وذويه بمنطقة وأقص وجالس ببيحان، والتعزية لأصهاره في حصن بن عطية، فضل وإيفان وناصر ورائد سالم أحمد العزبي، والجنوب واليمن وخارجه، سائلاً الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. إنا لله وإنا إليه راجعون.