يعاني الاقتصاد اليمني من أزمات متراكمة بسبب الحرب والأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة. مع ذلك، فإن النهوض بالاقتصاد الوطني يتطلب إصلاحات شاملة على جميع الأصعدة من أجل تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز التنمية المستدامة في المناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية.
في هذا التقرير، سنعرض إصلاحات اقتصادية مفصلة لتعتبر اساسا من أجل بناء اقتصاد قوي ومستدام.
أولا: الإصلاحات في القطاع المالي والضريبي:
1. إصلاح النظام الضريبي:
يعد النظام الضريبي أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ولكن يواجه العديد من التحديات بما في ذلك التهرب الضريبي، والازدواجية في التحصيل، وسوء توزيع الأعباء الضريبية. يمكن إصلاح هذا النظام من خلال التالي:
تطوير و تطبيق نظام ضريبي إلكتروني موحد يعتمد على الشفافية في التحصيل ويحد من الفساد الإداري.
إلغاء الجبايات العشوائية والقضاء على الرسوم غير القانونية التي تفرض من قبل جهات متعددة، مما يؤدي إلى رفع تكاليف الأعمال التجارية و زيادة الأعباء المعيشية على المواطنين.
تعزيز الرقابة على التحصيل الضريبي باستخدام التكنولوجيا في تحصيل الضرائب عبر بوابات رقمية لزيادة الكفاءة وتقليل الفساد.
2. إصلاح الجمارك:
يجب إعادة هيكلة إجراءات الجمارك لتسهيل حركة التجارة وزيادة الإيرادات من خلال التالي:
تحسين الشفافية في عملية تحديد الرسوم الجمركية.
تطوير أنظمة رقمية للمنافذ الجمركية باستخدام التكنولوجيا لتسريع الإجراءات الجمركية وتحسين الرقابة على الصادرات والواردات.
توحيد الإجراءات الجمركية على مستوى جميع المنافذ لتقليل التكاليف الزمنية والمالية على التجار.
ثانيا: الإصلاحات في القطاع المالي والمصرفي:
1. دعم العملة الوطنية:
تدهور قيمة الريال اليمني يعد من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني. يمكن دعم العملة الوطنية من خلال:
تشجيع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات المنتجة مثل الطاقة والزراعة لتوفير احتياطيات من العملات الأجنبية.
استئناف تصدير النفط والغاز لتعزيز تدفقات العملة الصعبة واعتماد حل مؤقت توافقي مع الحوثة.
فرض رقابة صارمة على مكاتب الصرافة للحد من المضاربات بالعملة.
2. الرقابة على الأنشطة المالية والمصرفية:
تحتاج المؤسسات المالية في اليمن إلى إعادة الهيكلة للحد من التلاعب في المعاملات المالية والمضاربة من خلال:
إعادة تنظيم القطاع المصرفي ليكون أكثر كفاءة ومرونة في التعامل مع الأزمات المالية.
تعزيز الرقابة على الأنشطة المالية وفرض قوانين أكثر صرامة لمكافحة غسيل الأموال.
ثالثا: إصلاحات القطاع النفطي والطاقة:
1. تنشيط قطاع النفط والغاز:
يعد النفط المصدر الرئيس للإيرادات في اليمن، ويجب تعزيز هذا القطاع عبر:
إعادة تأهيل البنية التحتية للنفط والغاز لتسريع عملية الإنتاج والتصدير.
زيادة الشفافية في إدارة الإيرادات النفطية عبر وضع آليات رقابية تكشف عن كيفية صرف العوائد النفطية في تطوير البنية التحتية والخدمات العامة.
2. الطاقة المتجددة:
تعاني معظم المناطق من انقطاع الكهرباء المستمر، ما يضر بالنمو الاقتصادي. يمكن حل هذه المشكلة عبر:
تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المستوردة.
تطوير محطات توليد الطاقة المحلية وتوسيع شبكة الكهرباء لتشمل المناطق الريفية.
رابعا: إصلاحات القطاع الصناعي والزراعي:
1. تطوير الصناعة المحلية:
يعد قطاع الصناعة في اليمن من القطاعات غير المستغلة بشكل كامل، ويمكن إصلاح هذا القطاع عبر:
دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة عبر تقديم تسهيلات ضريبية وقروض ميسرة.
تحفيز الإنتاج المحلي بتقليل الواردات عبر فرض حوافز للمصنعين المحليين.
2. دعم القطاع الزراعي:
الزراعة هي من أبرز القطاعات التي تحتاج إلى دعم عاجل في ظل ندرة المياه والموارد. يمكن تنفيذ عدة خطوات لتطوير هذا القطاع مثل:
استخدام الطاقة الشمسية و تحسين تقنيات الري في الزراعة للمساعدة في استخدام الموارد بشكل أفضل.
تشجيع زراعة المحاصيل المحلية التي تساهم في الأمن الغذائي، وتقديم الدعم الفني والمالي للمزارعين.
بناء مصانع و معامل لتحويل المنتجات الزراعية إلى منتجات صناعية وتشجيع تصديرها للخارج.
خامسا: إصلاحات في القطاع التجاري والموانئ:
1. تنشيط الموانئ البحرية والنفطية:
تعتبر الموانئ نقاطا حيوية لدخول الصادرات والواردات، ويجب تحسين كفاءتها عبر:
تسريع الإجراءات الجمركية من خلال تطبيق أنظمة رقمية.
إعادة تأهيل البنية التحتية للموانئ لتسريع عمليات التصدير والاستيراد.
تحفيز التجارة عبر تطوير مناطق اقتصادية خاصة حول الموانئ لجذب الاستثمارات.
2. تطوير قطاع التجارة الداخلية:
يجب تحسين عملية التجارة الداخلية عبر:
تحسين شبكات النقل والمواصلات لزيادة فعالية التبادل التجاري بين المناطق.
توسيع نطاق الأسواق المحلية ودعم الأنشطة الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الحصول على القروض.
سادسا: الإصلاحات الاجتماعية والتعليمية:
1. إصلاح شامل للنظام التعليمي الفني والمهني و تأهيل الكوادر البشرية المتخصصة في مجالات الصناعة والزراعة لتتماشى مع احتياجات سوق العمل.
2. دعم الفئات الأكثر ضعفا:
يجب أن تشمل الإصلاحات دعم الفئات الفقيرة من خلال تعزيز برامج الدعم الاجتماعي لمساعدة الفقراء والأيتام والمحتاجين في ظل الأوضاع الصعبة.
إن إصلاح الأوضاع الاقتصادية في اليمن يتطلب استراتيجيات شاملة تشمل جميع القطاعات بدءًا من النظام المالي والضريبي إلى القطاع النفطي والطاقة، وصولاً إلى القطاع الزراعي والصناعي. إن تحقيق الاستقرار المالي في ظل الأوضاع الصعبة لن يتحقق إلا من خلال إرادة سياسية قوية، ورؤية إصلاحية شاملة، وإدارة فعالة للموارد. من خلال هذه الإصلاحات، يمكن لليمن أن يبدأ مسارا نحو اقتصاد مستدام ومتوازن يسهم في تحسين حياة المواطنين وتحقيق النمو الشامل.
بالرغم من التحديات العديدة التي يواجهها الاقتصاد اليمني، فإن إصلاحات جذرية يمكن أن تساهم في بناء قاعدة اقتصادية قوية. من خلال الرقمنة، وإعادة هيكلة القطاعات الحيوية، يمكن لليمن تحقيق استقرار اقتصادي في المستقبل القريب، ولكن يتطلب الأمر التزاما حقيقيا من الحكومة والقطاع الخاص لضمان تطبيق هذه الإصلاحات بنجاح.