آخر تحديث :الإثنين-07 أبريل 2025-02:26ص

حين تصبح العدالة أقوى من الخوف

السبت - 05 أبريل 2025 - الساعة 07:47 ص
احمد الدثني

بقلم: احمد الدثني
- ارشيف الكاتب


في عالمٍ يعصف به الفقر والتفاوت الاجتماعي والظلم، تصبح العدالة في قمة أولويات أي مجتمع يسعى إلى الاستقرار والازدهار. الدولة العادلة ليست فقط تلك التي تفرض قوتها على شعبها، بل هي التي تضمن الحقوق، وتحترم الكرامة، وتساوي بين جميع مواطنيها في ظل القانون. في هذه الدولة، لا يكون الخوف سلاحًا لفرض السلطة، بل تصبح العدالة هي القوة الحقيقية التي تضمن الولاء والاحترام.


القوة ليست معضلة نواجهها في المجتمعات العربية، فالجميع يدركها بالفطرة، إلا أن قوتنا لا تكتمل إلا إذا ارتكزت على العدالة. نحن بحاجة إلى قوة عادلة، لا مجرد قوة غاشمة. الناس لا يكرهون الدولة القوية إذا كانت عادلة، بل يُحترمونها إذا أظهرت نزاهتها وحسن تطبيق القانون على الجميع.


العدالة هي الأساس الذي يقوم عليه الاستقرار، وحين تتوافر في الدولة، ستبقى هيبتها قائمة، حتى وإن كانت شديدة. أما إذا فقدت الدولة العدالة، فقد خسرت احترام مواطنيها وبدأت الهيبة في التلاشي.


إن الحديث عن إصلاح حقيقي يبدأ من قاعدة بسيطة ومباشرة:

إشباع الحاجات الأساسية.

الفقير لا يمكنه أن ينهض أو أن يُعلم قبل أن يُشبَع، ولا يُتوقع من أحد أن يُطبق النظام والعدالة وهو يواجه تهديدًا مستمرًا لكرامته أو قوته اليومية. إن بناء أي مجتمع يبدأ من احترام كرامة الإنسان، وهي الخطوة الأولى نحو التغيير الاجتماعي الحقيقي.


إذا أردنا النهوض، فإن الطريق لا يبدأ بالمشاريع الضخمة أو العاجلة، بل من أسس بسيطة وواضحة:


اختيار القيادة بناءً على الكفاءة وليس على أساس الولاء أو الانتماء الشخصي.


دعم الإنتاج المحلي: من الزراعة إلى الصناعة، مع التركيز على تمكين المواطنين ودعم العاملين في القطاعات الأساسية.


الحد من الاستيراد الترفي الذي لا يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويُثقل كاهل الميزانية.


مكافحة الفساد بقوة وعدالة، مع تطبيق القوانين بيد من حديد، ولكن دون ظلم أو انتقائية.


قضاء مستقل يضمن حقوق جميع المواطنين دون تمييز أو محاباة.


نظام ثواب وعقاب شفاف يعزز السلوكيات الإيجابية ويعاقب على المخالفات بإنصاف.


إصلاح المناهج التعليمية، حيث يجب أن تهدف إلى بناء الوعي والتفكير النقدي بدلاً من مجرد الحفظ.


إعلام نزيه يقدم الحقيقة ويرتقي بالعقل، بدلاً من التضليل.


إن الدين جزء لا يتجزأ من وجدان المجتمعات، لكنه يجب أن يُستخدم لتعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية، لا كأداة للسيطرة أو التفريق.


الدولة التي تدرك هذه المبادئ ستُحترم، حتى وإن كانت قاسية في بعض الأحيان. لكن عندما تكون القسوة مشروعة، وتستند إلى العدالة، فإن الناس سيدافعون عن الدولة بكل ما لديهم من قوة.

أما من فقد دولته، فلن يدرك قيمتها إلا عندما يعيش في فوضى وغياب للعدالة.