آخر تحديث :الأربعاء-02 أبريل 2025-11:53م

الخطر تحت صفاء المياه!!

الإثنين - 31 مارس 2025 - الساعة 10:35 م
د. وليد ناصر الماس

بقلم: د. وليد ناصر الماس
- ارشيف الكاتب


تقع مديرية حالمين في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة لحج، وهي واحدة من المديريات الأربع لمنطقة ردفان، وتتوسط كلا من يافع والضالع وردفان السفلى، ويغطي معظم سطحها التظاريس الوعرة، لذلك تعتبر حالمين أكثر جهة نائية بالمحافظة، ويتركز الغالبية العظمى من سكانها في الجبال، معتمدين في حياتهم المعيشية على الزراعة والرعي.

تعد مديرية حالمين من أفقر مديريات محافظة لحج بالمياه، حيث يعتمد السكان فيها على مياه الأمطار المتساقطة صيفا، وبعض المياه السطحية التي تعد قليلة إلى حد الندرة.

ندرة المياه في معظم قرى المديرية، دفع بعدد كبير من السكان فيها في الأعوام والعقود الماضية للنزوح نحو عاصمة المديرية (حبيل الريدة) والمديريات المجاورة الأخرى، بحثا عن المياه والخدمات الأخرى.


على صعيد المياه الجوفية في المديرية وهو ملف مهم فهي قليلة ومحدودة، ولا تكاد تتوافر بكميات جيدة سوى في حوض (غرابة - حبيل الريدة)، وما إن استكشف هذا الحوض المائي وبدأت عمليات استخراج المياه منه، حتى عمت الفرحة كل أرجاء المديرية، مستبشرين بهذا الكنز الثمين، وقد قامت السلطة المحلية حينذاك والأهالي بالتعاون مع رجال الخير وبعض الجهات المانحة، بعمل مشروع مياه لعاصمة المديرية وضواحيها، ومن ثم تم إيصال المشروع للكثير من المناطق النائية في شرق المديرية، وهو من أهم المشاريع التي تحققت للمديرية في العقود الأخيرة، وندعو هنا الأهالي والجهات المسؤولة في المديرية للمحافظة هذا المنجز، والاستمرار في تشغيله بالطاقة البديلة، حيث ساهم هذا المشروع بعض الشيء في الحد من النزوح الجماعي للسكان نحو عاصمة المديرية، مما قد يخلق ضغطا مضاعفا على الخدمات العامة من تعليم وصحة وكهرباء وسكن وفرص عمل، علاوة عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا النزوح، وإهمال الأراضي الصالحة للزراعة.


الخطر الذي بات يهدد المديرية اليوم، يتمثل في استنزاف المياه، واستخدام الجزء الأعظم من المياه المستخرجة في ري شجرة القات داخل المديرية، وتصديرها إلى خارج المديرية للغرض ذاته، في ظل غياب الأنظمة الرقابية والمحاسبية الرسمية من الجهات الحكومية في المديرية.


موضوع الحفر غير المدروس للآبار في في الحوض الوحيد بالمديرية (حوض غرابة - حبيل الريدة)، يشكل تهديدا جديا لمستقبل المديرية، لذلك ينبغي وضع قواعد وقوانين واضحة ومعلنة لإيقاف العبث بهذا المورد الحيوي والهام، ومنح التراخيص اللازمة لذلك، للحيلولة دون تمكن ملاك الأراضي الزراعية من الحفر العشوائي للآبار، والاستنزاف الجائر لمياهها، حيث تعتبر المياه الجوفية في عاصمة المديرية ثروة سيادية، ليست ملكا حصريا لأحد دون آخر، بل ملكا للجميع في الجيل الراهن والأجيال القادمة، وفقا لشريعتنا الإسلامية ومختلف القوانين الوضعية.


يساهم الاستهلاك الجائر للمياه في نفادها، ففي أحسن الأحوال سيستمر مخزون المياه في هذا الحوض (حوض غرابة - حبيل الريدة) لعقود قليلة قادمة، في ضوء الهدر الزائد للمياه، وعدم اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية، لترشيد عملية استخراجها واستهلاكها، وقد تصحو المديرية يوما وقد نضبت مياها تماما، ولكن حين لا ينفع الندم.

يبقى الأمل معقودا على السلطات الرسمية بالمديرية، ممثلة بالمجلس الانتقالي والسلطة المحلية، بالاضطلاع بدور فاعل في الحفاظ على هذا المورد الحيوي، والتفكير الجدي في البدائل والحلول الممكنة لتلافي تداعيات هذه المشكلة مستقبلا.