آخر تحديث :السبت-15 مارس 2025-04:50ص

العدالة الاجتماعية في اليمن.. بداية لنهاية الفجوة العميقة بين الطبقات

الأربعاء - 12 مارس 2025 - الساعة 08:20 م
د. أمين عبدالخالق العليمي

بقلم: د. أمين عبدالخالق العليمي
- ارشيف الكاتب


في قلب كل مجتمع يكمن سعيٌ أبدي للعدالة، تلك العدالة التي لم تُمنح إلا للقلائل، بينما ظل معظم الناس يرزحون تحت نير الفقر والإقصاء، ومن بين هذه المجتمعات، يبرز اليمن كواحد من البلدان التي شهدت تحولاً اجتماعياً واقتصادياً مريراً، جعل الكثير من أبنائها يعتقدون أن العدالة الاجتماعية مجرد حلم بعيد المنال،

لكن هناك فرصة سانحة اليوم، ليتحقق هذا الحلم إذا ما أخذنا بزمام المبادرة، لنعمل جميعاً على إرساء قواعد العدالة الاجتماعية، ليس فقط في اليمن، بل في الشرق الأوسط كله،

اليمن، كسائر دول المنطقة، يعاني من تفشي الفقر والتفاوت الاجتماعي بشكل غير مسبوق، فجوة ضخمة بين الأغنياء والفقراء تتسع يوما بعد يوم، وتزداد تعقيداً في ظل النزاعات المستمرة والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ويعيش ملايين اليمنيين في فقر مدقع، بينما يتربع قلة من أصحاب المال والنفوذ على قمم الهرم الاجتماعي والاقتصادي، هذا التفاوت لا يقتصر فقط على المستوى الاقتصادي، بل يمتد ليشمل فرص التعليم، الرعاية الصحية، والمشاركة السياسية،

لكن العدالة الاجتماعية ليست مجرد شعار، بل هي حق مشروع يجب أن يسعى كل فرد لتحقيقه ،

إذا كان الفقر قد اختطف الأمل من البعض، فإن الإصلاح الاجتماعي قد يكون المفتاح لإنقاذ المجتمع ككل، ليس فقط من الظلم الاجتماعي، بل من أزمة قد تدفع البلاد والمنطقة إلى الهاوية،

إن الإصلاح الاجتماعي في اليمن يمكن أن يكون نقطة تحول وله تاثير كبير ليس فقط على الصعيد المحلي، بل على مستوى المنطقة بأكملها، عند إرساء العدالة الاجتماعية، ستفتح أمام الأفراد فرصاً متساوية لتحقيق أحلامهم والمشاركة بفاعلية في بناء المجتمع، سيؤدي هذا إلى توازن اجتماعي يعيد الثقة بين السلطة والشعب، ويقوي النسيج الوطني من خلال تعزيز قيم التعاون، المساواة، والاحترام المتبادل،

عندما يتساوى الناس في الفرص، ويتحدون خلف هدف مشترك، فإن الشعور بالوطنية يصبح أقوى، ويصبح الشعب قادراً على تجاوز الأزمات بكفاءة أكبر،

العدالة الاجتماعية تعني أن يكون هناك مساواة في التعليم، وأن يكون لكل فرد حق في الرعاية الصحية دون النظر إلى مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية،

كما تعني توزيع عادل للثروات، وخلق فرص عمل تتناسب مع القدرات والطموحات،

تحسين جودة التعليم: يجب أن نبدأ بتطوير نظام التعليم ليشمل جميع فئات المجتمع، خاصة في المناطق الريفية التي تفتقر إلى الموارد التعليمية،

ايضاً تفعيل التعليم الرقمي والتعلم عن بعد سيكون خطوة استراتيجية لتحسين فرص التعليم في اليمن بشكل سريع، ويمكن للقطاع الخاص المساهمة الواسعة والكبيرة فيه،

يجب العمل على توفير خدمات صحية أساسية مجانية للجميع، مع تعزيز البنية التحتية في المستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير الأدوية بأسعار معقولة لجميع المواطنين، وحشد جميع الطاقات من اجل ذلك أفراد وجماعات، سلطه ومعارضه وشعب، ومنظمات وقطاع خاص وقطاع عام، وهكذا،

إذا أردنا بناء مجتمع عادل، يجب أن يتم توزيع الثروات الطبيعية بشكل عادل، من خلال برامج إعادة توزيع الثروات التي تركز على بناء البنية التحتية في المناطق الفقيرة، وتوفير فرص العمل للشباب، فالمصير مصير شعب ووطن، ولعمري من الدعوات الشاذة والتي تدعوا لاستحواذ كل محافظه بثرواتها لها فقط ومن خلفها لأسفن ولاديان "مثل ما كانت تقول عجوز عندنا في القرية"،

يجب أن تكون هناك مشاركة حقيقية من جميع فئات المجتمع في صنع القرارات السياسية، وذلك من خلال إنشاء منصات ومجالس لتمثيل المواطنين في جميع مراحل اتخاذ القرار، ولو انه بعيد المنال هذه الايام بسبب الوضع والاوضاع، ولكن يكون للنخبة دور كبير وواسع وللشخصيات الاجتماعية والسياسية المؤثرة والتي يهمها مصلحة الوطن العليا فوق كل شيء، ويتم العمل عليه في المستقبل القريب، والذي بتكاتف وتأزر جميع ابناء الشعب سنناله قريباً ان شاء الله وبأذنه تعالي،

إذا نجحت هذه الاستراتيجيات في اليمن، يمكن أن تشكل نموذجاً يحتذى به لبقية دول الشرق الأوسط، ويمكن لليمن أن يتحول من دولة تعاني من التفاوت والفقر إلى دولة رائدة في مجال العدالة الاجتماعية، ما سيؤدي إلى استقرار سياسي و اقتصادي كبير، هذا الاستقرار سيشجع المستثمرين على ضخ الأموال في السوق اليمني، مما يعزز الاقتصاد ويخلق فرص العمل،

إن تحقيق الإصلاح الاجتماعي في اليمن ليس مهمة مستحيلة، إنه واجب أخلاقي و ديني، يفرض على الجميع أن يكونوا جزءاً من الحل، وبالذات اعضاء مجلس القيادة الموقرين والتوجه الصادق مع فخامة رئيس مجلس القيادة برؤيته واستراتيجياته،

إنه الطريق إلى المستقبل الأفضل، حيث لا يظل أحد على هامش المجتمع أو يُحرم من أبسط حقوقه، وهذا ليس مجرد حلم، بل هو إمكانية حقيقية يمكن أن تكون في متناول اليد إذا وضعنا المصلحة العامة فوق كل شيء، وابتعدنا عن المصالح الفردية الضيقة،

لن تكون العدالة الاجتماعية مجرد شعار، بل ستكون هي الركيزة التي نعيدبها بناء وطننا اليمن، ويعود إشراقه من جديد، ليكون نموذجاً يحتذى به في الشرق الأوسط والعالم أجمع .