من فوائد ما قصه الله علينا في سورة الكهف التكامل والترابط المعنوي بين قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين فقصة أصحاب الكهف قصة قلة مؤمنة ضعيفة فارة بدينها لا تمتلك من الأسباب إلا الفرار والتخفي ورد الأمر إلى الله أن يتولى أمرهم فكان الإيمان سبب لنجاتهم ومنعهم من الوقوع في الفتنة والفساد ولذلك كان فعلهم سبب نجاتهم فقط ورأينا أنهم سكنوا الكهف وهو مكان لا يصلح للسكن إلا عند الضرورة وفي قصة ذي القرنين اجتمعت القوة والتمكين والأسباب الكثيرة لانتعاش الحياة كما قال الله تعالى " وآتيناه من كل شيء سببا " لكنه كان على صلة عظيمة بالله وعمر البلاد بشريعة الله وسعى في صلاح أحوال العباد وجال في الأرض من مشرقها إلى مغربها دلالة على وسائل النقل التي كان يمتلكها وبنى السد العظيم الذي قضى به على فساد يأجوج ومأجوج وكان عادلا وزاهدا قنوعا بما أوتي من الخير منشطا للعباد على العمل وترك البطالة والكسل داعيا لهم إلى المشاركة في بناء حياتهم وفي دفع الضرر عنهم والفساد الذي يصلهم وذلك بغلق منافذه " فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم سدا " وبذلك نستخلص هذه الفوائد من الترابط بين القصتين :
1- قصة أصحاب الكهف تمثل عصرا بدائيا وقصة ذي القونين تمثل عصر ازدهار واستقرار وتطور
2- الإيمان حاضر في القصتين وهو المنقذ للإنسانية في كل الأزمنة والأمكنة
3- في القصتين رد على المذاهب الإلحادية التي ترى أن الإنسان لجأ إلى الخرافة في العصور البدائية واختلق الدين وأنه في العصور المتحضرة استغنى وصار في عصر العلم يدير شئونه بنفسه لا يحتاج إلى الله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
4- من الترابط المعنوي بين القصتين أن قصة أصحاب الكهف قصة قلة وانحسار وضعف وفساد كثير وكبير ممتد حول الكهف بلا حدود بينما قصة ذي القرنين قصة خروج من كل أسباب الضعف التي تقدمت في قصة أصحاب الكهف فهي خروج وسير في الأرض مع قوة وكثرة في العدد وبناء وإعمار وإصلاح واسع في الأرض
محمد العاقل