آخر تحديث :الأحد-23 فبراير 2025-09:36م

عادت حليمة لعادتها القديمة

الإثنين - 17 فبراير 2025 - الساعة 10:12 ص
د. عوض احمد العلقمي

بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


   خرجت بريطانيا من مستعمراتها التي شملت معظم كوكب الأرض تقريبا ، بعد أن وجدت نفسها منبوذة ، وغير مقبولة في أقطار الأرض قاطبة ، التي استعمرتها ، ونهبت خيراتها ، وسرقت ثرواتها ، وأذلت الأحرار والشرفاء من أبنائها ، وكان خروجها بأقل الخسائر من ثوار تلك الشعوب التي كانت تهيمن عليها ، لاسيما إذا ماقورنت تلك الخسائر بالخسائر التي لحقت بالشعوب بعد خروج المستعمر .

   بعد ذلك أمسكت حليمة بزمام الأمر ، وتربعت أعلى مراتب النظام ، وفي هذه الأثناء قامت بتصفية العقول ، والعلماء ، ورجال المال والأعمال في عجالة من الوقت ، ثم انبرت حليمة لأنصارها ، ومن هم في الأمر شركائها ، وأكلتهم عبر وجبات منتظمة ، كما تفعل القطة بصغارها ، حتى خسرت كل شيء ، وبعد عقدين من الزمن عادت حليمة تجمع الشتات ، وتلملم الفتات من ذلك الشعب التي قهرته ذات يوم ، وعبثت بكرامته على حين غفلة ، وقتلت حلمه من غير  ،مسوغ وعندما اجتمع الشتات ، وانضم إليه الفتات ، سأل ذلك الجمهور حليمة ، إلى أين أنت ذاهبة بنا هذه المرة إلى ذلك الظلم المهين أم إلى ذلك الجحيم السحيق ؟ قالت : كلا أيها الشعب العظيم ، فأنا قد تبت عن ذلك الفعل المشين ، وعدت إلى الله رب العالمين ، فهذه المرة سوف أقودكم إلى الرفاه المقيم ، وإلى المستقبل العظيم ، والخير العميم .

   لكن الأمر لم يكن كذلك ، إذ قامت حليمة ببيع الوطن والمواطن ، ووقع في الخيبة من كان عليها يراهن ، واستأثرت بالثمن لها ولأهلها ، والأقرباء من زمرتها ، وهنا يبس الزرع ، وجف الضرع ، وهلك من الجوع الشعب ، فلم يكن من حليمة إلا أن عادت لعادتها القديمة ، فنشرت في أوساط الجياع قتلتها ، ووزعت في الشوارع عصاباتها ، وأمرتهم أن يقتلوا كل من يصعق من الجوع بالصرخات ، أو يشكو من المرض ويردد الآهات ، تحت مسوغ أن أولئك الجياع إنما هم قطيع من الحثالات ، وينضوون ضمن فئات عرفت بالخيانة والعمالات ... فبئس مافعلتيه وتفعليه ياحليمة ، وقبح ذلك الشعب الذي ولاك أمره مرة أخرى ، وصفق لك يهتف لجوعه وعريه وموته .