في قوله تعالى ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) إشارة إلى ما أحدثته قصة الإسراء والمعراج من انقسام وجدل بين الناس بين مصدق ومكذب ومتشكك ومتحقق وقد ورد في السيرة أن كفار قريش رأوها فرصة لتكذيب النبي صلى عليه وسلم وأن بعض المسلمين أصابتهم حيرة مؤقتة وأن أبا بكر الصديق كان موقفه حازما ووضع للناس مسلمهم وكافرهم الميزان الذي سلم به المؤمن وألجم الكافر فقال " إن كان قال ذلك فقد صدق وإني لأصدقه في خبر السماء " يعني الوحي فمعنى كلامه أنه إن تكلم بذلك فالإيمان يقتضي التسليم والعقل لا ينفي ذلك والمؤمن ليس أمامه إلا التسليم والكافر إن لم يؤمن فذاك شأنه وهذا دأبه مع النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الآية ليست وحدها في القرآن التي أثارت ما أثارته بل تشكل ضمن ٱيات وأحاديث وحوادث في السيرة منهجا يأخذه المسلمون بالتسليم وإن كان يثير لدى بعضهم تساؤلات مثل اتفاق صلح الحديبية ورأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه المسلم بالأمر كما هو دائما وتساؤل عمر رضي الله عنه الذي حيره الاتفاق ورأى فيه إهانة في بادىء الأمر حتى تبين له عاقبة الصلح الحسنة على الإسلام والدعوة الإسلامية ثم كذلك ما ألمَّ بالمسلمين من الغمَّ حتى لم يبادروا بذبح هديهم وحلق رؤوسهم وخشي النبي صلى الله عليه وسلم عليهم نزول العذاب فشاور أم سلمة رضي الله فأرشدته إلى أن يبدأ هو حتى إذا رأه المسلمون قاموا اقتداء به وبهم ما بهم من الكآبة والغم...
ولا تزال الأخبار والحوادث في حياة المسلمين تسبب لهم مثل ذلك فيرفع الله المؤمنين المصدقين بأخباره ووعده ووعيده وإمضاء سننه ويزدادون إيمانا ويقينا بينما ترى الكفار والمنافقين ينتكسون ويرتكسون كما قال الله عنهم ( كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها ) فكما تنزل تلك الأخبار والحوادث وتصب برد اليقين في قلوب المؤمنين فإنها تذكي نار الفتنة والشك في قلوب المنافقين