آخر تحديث :الإثنين-24 فبراير 2025-01:35ص

قضية تهريب السيارات.. المواطن هو الضحية أم الدولة

الأربعاء - 12 فبراير 2025 - الساعة 09:24 ص
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


في زمنٍ عجّت فيه العجائب والغرائب، تبرز قضايا يلفّها الغموض وتطرح تساؤلات عميقة عن المسؤولية والشفافية. واحدة من أبرز هذه القضايا هي قضية تهريب عشرات الآلاف من السيارات إلى البلاد، وبيعها للمواطنين دون استيفاء الإجراءات الجمركية. وبينما يُفترض أن تكون المنافذ البرية والبحرية تحت رقابة صارمة، يتفاجأ المواطنون اليوم بمطالبات دفع الجمارك على مركباتهم التي اشتروها بطريقة قانونية من الأسواق المحلية.

من المسؤول عن دخول السيارات؟

وفقاً للوائح الجمركية المعروفة، لا يمكن لأي سيارة دخول البلاد دون دفع الرسوم الجمركية واستكمال كافة إجراءات الترسيم. ومع ذلك، فإن واقع الحال يشير إلى أن عشرات الآلاف من السيارات دخلت عبر المنافذ الرسمية دون أن تُفرض عليها الرسوم القانونية. هذا الأمر يطرح تساؤلات ملحة: كيف يمكن أن تمر كل هذه السيارات عبر الموانئ والمنافذ الحدودية "أمام الملأ" دون أن يتم ضبطها أو التدقيق في وضعها القانوني؟

المواطن بين المطرقة والسندان

بعد أن تم بيع هذه السيارات في الأسواق المحلية وامتلكها المواطنون بحسن نية، بدأت الدولة تطالبهم الآن بسداد الجمارك المتأخرة، وكأن المواطن هو المسؤول عن هذا الخلل الإداري. هنا، يبدو أن المواطن يدفع ثمن أخطاء أو تجاوزات الجهات المسؤولة، التي سمحت بدخول السيارات دون التحقق من وضعها.

هل من العدل أن يتحمل المواطن هذا العبء؟ أليس من واجب الدولة أن تضمن تطبيق القوانين على الجميع منذ البداية، بدلاً من نقل المسؤولية إلى المواطن لاحقاً؟

أين يكمن الخلل؟

الحجم الهائل لعدد السيارات المهربة يشير إلى خلل واضح أو شبهة في عمليات المراقبة والإشراف على المنافذ. هذه ليست حالة فردية أو استثنائية، بل نتحدث عن عشرات الآلاف من المركبات، ما يجعل احتمال وجود "صفقة" أو "تواطؤ" أمراً لا يمكن تجاهله.

كيف يُفسر هذا التجاوز الصارخ؟ وهل يمكن تبريره باعتباره مجرد "سوء تقدير" أو "خطأ إداري"؟ أم أن هناك من استفاد بشكل مباشر من إدخال هذه السيارات دون جمارك؟

حلول واقعية للمشكلة

بدلاً من إثقال كاهل المواطن بمطالبات دفع مبالغ باهظة لتسوية هذه الإشكالية، يبدو من الحكمة أن تقر الدولة حلاً وسطاً يتمثل في فرض مبلغ رمزي لتسوية الوضع القانوني لهذه السيارات.

هذا الإجراء يمكن أن يحقق أمرين:

التخفيف عن المواطنين الذين وقعوا ضحية لهذا الوضع

معالجة الشبهة حول التواطؤ أو الفساد الذي ربما صاحب إدخال السيارات

رسالة إلى الدولة

على الدولة أن تتعامل بشفافية مع هذه القضية وتكشف تفاصيل ما حدث، بدءاً من لحظة دخول هذه السيارات إلى الأسواق، وصولاً إلى القرارات التي دفعت إلى تحميل المواطن المسؤولية. إن تجاهل هذه الأسئلة يعزز من الشعور بفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية، ويضعف من سيادة القانون.

في النهاية، المواطن ليس طرفاً مسؤولاً عن هذا الخلل، بل هو ضحية لسياسات وإجراءات ناقصة. ولذا، فإن الحل لا يمكن أن يكون بتحميله التكاليف، بل بمعالجة جذور المشكلة وضمان عدم تكرارها مستقبلاً.