آخر تحديث :الأحد-23 فبراير 2025-09:27م

منطق الإيمان

الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 05:29 م
محمد ناصر العاقل

بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب


لو أن مؤرخا كان على اطلاع بتفاصيل قصة مطاردة فرعون وقومه لموسى وقومه وأراد أن يصف وقت اللقاء من النهار ولحظة مشاهدة الفريقين لبعضهما وخطاب قوم موسى لنبيهم عليه السلام وتهدئته لروعهم وإعلانه لهم عن ثقته بربه وما تلاها من تصديق الله له بوحيه إليه أن يضرب بعصاه البحر لينفلق عن طريق واضح صالح للعبور ينجو به موسى وقومه ويغرق فيه فرعون وقومه قد يتطلب ذلك جهدا كبيرا وكلاما كثيرا على كاتب يريد كتابتها بينما نراها في القرآن صُوِّرت بكلمات معدودة في مشهد جمعها من كل النواحي واستوفى كل ما يحتاج له السامع وطالب الخبر في القصة قال تعالى " فأتبعوهم مشرقين * فلما ترآءا الجمعان قال أصحاب وموسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين "

وهناك فائدتان أحببت الوقوف عليهما في قوله تعالى " قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سبهدين " الفائدة الأولى : أنهم تكلموا بمنطق الحس والعقل وأن موسى عليه السلام تكلم بمنطق الإيمان فأدرك بإيمانه ما كذبت فيه عقولهم وهذا يعني أن الإيمان يدرك به من الخير ويندفع به من الشر أكثر من عقول العاقلين بدون إيمان

أما الفائدة الثانية :فهي أن موسى عليه السلام قال " كلا إن معي ربي سيهدين " وهو صاحب تجربة ولكنها مع ربه سبحانه الذي نجاه في مواضع عديدة وهداه من قبل أن يكون نبيا كما قال عندما خرج هاربا من فرعون متجها إلى مدين " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " فإن كان هداه في البرية قبل نبوته فإنه قادر على هدايته في البحر بعد النبوة فالتجربة وحفظ التاريخ الجميل والذكرى الجميلة ليست مقصورة على الناس بل الخالق أحق بها وهي تبعث على الأمل وتعيد الثقة للنفس كما قال نبي الله زكريا عليه السلام " ولم أكن بدعائك رب شقيا " بل إن فيها ما يدل على محبة الله لمن ذكره بجميل صنيعه له فيما مضى من حياته وهو راجٍ بأن يعود عليه بمثل ما عوده من النعم


محمد العاقل