آخر تحديث :الأحد-23 فبراير 2025-09:49م

مشي ضد التيار

الجمعة - 07 فبراير 2025 - الساعة 10:22 ص
محمد ناصر العاقل

بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب


حفت بولادة موسى عليه السلام مخاطر عديدة تجعل من يتفكر فيها يرى أن أمورا عظاما من أسباب الهلاك وقفت في وجه حياته وكأن موسى بما قدر الله له بتحدى هذه الأسباب ويمر عليها واحدا واحدا ولا ينجو من سبب إلا ويمر بالآخر والآن نستعرض تلك الأسباب فقبل ولادته كما ذكر المفسرون في قوله تعالى " وفتناك فتونا " قالوا إن فرعون بعدما قتل الكثير من مواليد بني إسرائيل أشار عليه قومه بأن يستبقي بعضهم للخدمة فكان يقتل عاما ويوقف القتل عاما فولد هارون عليه السلام في العام الذي لا يقتل المواليد وولد موسى عليه السلام في العام الذي يقتل فيه من يولد من ذكور بني إسرائيل فكان ميلاده كالتحدي لصنيع فرعون ولدى ولادته قال تعالى " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت علبه فألقيه في اليم " نقف هنا قبل إكمال الوعد الذي وعدها الله بقوله " ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين " فإن يأمرها الله عند الخوف عليه بأن تلقيه في اليم فهذه عجيبة أخرى لإن البحر وحده سبب هلاك محقق لطفل حديث عهد بولادة وهذا هو التحدي الثاني والأمر الثالث في قوله تعالى " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " فهذه المخافة الثالثة فإن القبض عليه من جنود آل فرعون المكلفين بقتل المواليد أمثاله فذلك مخافة ورعب لدى الناس المصابين بالذعر فتخيل أن يقال في ذلك الحين " فالتقطه آل فرعون " وقد مر بمرحلة الالتقاط وكان هناك خوف من التعرف على هويته ثم تدخلت امرأة فرعون بالشفاعة له عند فرعون بقولها " وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه " وما عانت أمه من الإشفاق عليه وخوف الإفصاح عن كونه ولدها قال في شأن ذلك الله تعالى "وإن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين " ثم مسألة البحث عن مرضعة كانت معضلة أخرى كونه رفض الرضاع من المرضعات التي عرض عليهن وقد يهلك إذا لم يرضع حتى قيض الله أخته تدلهم على أمه في حيلة لم يفطن لها آل فرعون ولو فطن لها فقد يغير موقفه إلى ما لا تحمد عقباه في شأن موسى عليه السلام فكانت جولة انتهت بقوله تعالى " فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن اكثرهم لا يعلمون " فانظر هذا الكم الهائل من المخاوف الذي استقبل موسى في الساعات الأولى لولادته وفي هذه الجولة السريعة من العرض القصصي القرآني الرائع حتى رجع إلى حضن أمه الدافئ الحنون وعاد له ولها الأمن الكامل لقد كان موسى عليه السلام يمشي ضد أسباب الحياة ويتحدى أسباب الموت وأنجز الله له ما وعد به أمه ولم يتخلف وعد مما وعدها به وهو ما تم في بقية القصة


محمد العاقل