آخر تحديث :الأحد-23 فبراير 2025-09:24م

مقدمة في قصة موسى عليه السلام

الأربعاء - 05 فبراير 2025 - الساعة 11:22 ص
محمد ناصر العاقل

بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب


هي الأكثر ذكرا وتكرارا في القرآن الكريم وفي ذلك دلالة على كثرة ما فيها من الفوائد والعبر ودلالة على أهمية القصة والحاجة إلى تكرارها وتصريفها على وجوه عديدة لتظهر في كل وجه بصورة جديدة تحقق مقاصد شرعية بحسب سياقها في السورة التي تذكر فيها

- وقصة موسى عليه السلام قصة كاملة ذات بداية ونهاية والترابط فيها ظاهر ومعلوم إلى الحد الذي تقترب فيه من سورة يوسف عليه السلام غير أنها لم تكن موضوع سورة واحدة ففي سورة القصص ذكر ميلاده ورضاعه وما حفت به من مخاطر حتى صار فتى ثم جاءت قصة القبطي الذي قتله موسى وكان سببا في تغرب موسى إلى مدين وما تغير من حياته من خلع ثوب الغربة وحط الرحال عند صاحب مدين والعمل أجير والزواج من ابنته ثم انقضاء المدة والعود إلى وطنه ثم نزول الوحي عليه في الطريق لدى عودته وما من الله به عليه من النبوة والرسالة والأمر بالذهاب إلى فرعون داعيا ومبلغا رسالة ربه وتعد مرحلة النبوة والرسالة مرحلة جديدة كما هو شأن جميع الأنبياء وقد لقي موسى في دعوة فرعون من البلاء وتعرض للمحنة واستمر ذلك حتى حسم الجدال وقطعت حجة فرعون وظهرت معجزة موسى بتغلبه على السحرة ثم خروج بني إسرائيل معه ونجاتهم وغرق فرعون وقومه في اليم ثم تلت ذلك المرحلة الثالثة وهي معالجة موسى لقومه وما لقي منهم من التمرد والعناد وكفران النعمة وقد سلط القرآن الكريم الحديث عن مرحلة النبوة وتكليف موسى بدعوة فرعون في سورة طه والشعراء وعن المرحلة الثالثة مع قومه وما لقي منهم التمرد توسع القرآن في الحديث عنها في سورة الأعراف

- مثل قصة موسى عليه السلام كمثل الشجرة العظيمة الطيبة النافعة ذات الأصول والفروع والثمار فمع وجود أصل القصة والسرد التاريخي الواضح المعالم هناك قصص متفرقة تدل على كثرة فروعها فهناك قصة بقرة بني إسرائيل في سورة البقرة وهناك قصة مؤمن آل فرعون في غافر وهناك قصته مع الخضر في الكهف وقصته عند نكوص قومه وتقهقرهم عند دخول الأرض المقدسة في المائدة ولكل قصة دلالتها وفيها من الفوائد والحكم والعبر ما يشمر للبحث فيه أهل العلم الراغبين في الهداية وطلب الفائدة

- تذكر قصة موسى في بعض السور مجملة وفي بعضها مفصلة كما في بداية سورة طه فصلت قصة الوحي وأمر الله له بدعوة فرعون وأجملت في سورة النازعات فكان التطويل في طه متناسبا مع طول السورة الطويلة نسبيا والاجماال في النازعات متناسبا مع فواصل السورة القصيرة وفي بعض المواضع يمر على ذكر الحدث سريعا وفي بعضها يركز عليه ما يشبه تسليط الكاميرا على صورة معينة وذلك لما أراد الله وما له في الحكمة وما يتناسب مع موضوع السورة وهدفها والله أعلم مثل ذلك كان في سورة يونس فقد ذكر حادثة غرق فرعون وركز عليها كما قال تعالى " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " كما سلط ذلك مرارا على منازلة موسى للسحرة وتم وصف الحادثة تفصيلا وخطوة خطوة وكان القارئ أو السامع يعيشها لحظة لحظة حتى قوله تعالى " فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السجرة سجدين "

- هذه المقدمة قصدت منها تكوين صورة متكاملة عن قصة موسى عليه السلام في القرآن لتكون دليلا يقرب من فهم القصة ويعين على ربط أحداثها ويسهل استخراج ما تيسر من فوائدها والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

-

محمد العاقل