قال كبير إخوة يوسف لإخوانه يلقنهم الحجة التي يتخلصون بها عند أبيهم يعقوب عليه السلام بعد ما أصيب بخسارة ولده الثاني " بنيامين " في القضية المعروفة قال كما أخبر الله عنه " ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين * واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون * قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العلبم الحكيم " بطريقة رائعة سلسة تبهر العقول نرى أن الله تعالى قد حذف كلام إخوة يوسف لإبيهم الذي نقلوه عن أخيهم الأكبر وطوى مع الكلام زمانا أيضا هو مسافة السفر ثم ركب رد أبيهم مباشرة مبنيا على ما قال لهم أخوهم بطريقة سلسة قد لا يشعر بها كثير ممن يقرأ القرآن وذلك لإن الذوق فيها واللطافة قد بلغت منتهى الحسن في ربط الكلام لفطا ومعنى وجعلت الكلام في أجمل صورة من النطام فسبحان من أحكم كلامه كما أحكم نطام الخلق فقال " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " وقال في الكون " خلق السموات بغير عمد ترونها " فكما تنظر إلى السماء فلا تحس عمدا تقوم عليها مع أنها في غاية الاحكام والجمال ودقة النطام فكذاك كلامه تحسست في الآية فلم أجد أداة لفظية تدل على الانتقال وكأن يعقوب عليه السلام كان على مقربة منهم يسمع حديثهم وكل ما قالوه ودبروه وإن صدقوا فيه ليس بمقبول ولا مرضي ولم تعد الأخبار منهم ذات جدوى مع أبيهم الذي هده الحزن وتوالت علبه النكبات لولا لطف الله به وبكثير من عباده وقد اجتمع في هذه السورة من اللطف الشيء الكثير الذي تطمع فيه نفس كل مسلم يقرأها
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا