آخر تحديث :الإثنين-24 فبراير 2025-01:35ص

وطن للبيع.. مشهد الفساد يهدد ثروات البلاد ومستقبل أجياله

السبت - 25 يناير 2025 - الساعة 03:52 م
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


في خضم واقع مأساوي متسارع، تتكشّف يومًا بعد يوم فصول جديدة من مسلسل الفساد المنظم الذي أصبح يطول كل ركن من أركان الجنوب. حيث باتت مقدرات البلاد عرضة للبيع، وآخرها حقول النفط في محافظة شبوة، التي أصبحت محور عمليات تحايل وفساد تتسم بالجرأة والاستهتار بمستقبل الشعب.

تعيينات مشبوهة تُجرى على رأس المؤسسات المسؤولة عن حقول النفط في شبوة، تهدف إلى تهيئة الطريق لإبرام صفقات مع شركات دولية في مشهد أشبه بمسرحية ساخرة تُدار من قبل رؤوس فاسدة لا يعنيها سوى إرضاء جشعها وطموحاتها التجارية، التي نمت تحت مظلة فساد النظام السابق، وازدهرت على أيدي مافيات حديثة تحكم قبضتها على موارد البلاد.

الصراع المحموم بين قيادات الفساد اليوم لا يدور حول المصلحة الوطنية، بل حول التسابق على نهب أكبر قدر ممكن من الأموال والأصول. هؤلاء اعتادوا على النهب بشكل علني وعلى مرأى ومسمع من الجميع، في ظل صمت شعبي مقيت يشاهد تآكل حقوقه وثرواته دون أن يُحرك ساكنًا.

نهب ثروات جنوب اليمن لم يكن وليد اللحظة، بل يعود إلى عقود مضت، حيث استباحت أيادٍ داخلية وخارجية موارد البلاد. النفط والغاز، الموردان الرئيسيان لليمن، يشهدان تلاعبًا كبيرًا. فإلى اليوم، لا أحد يملك إجابات دقيقة عن حجم الإنتاج أو الكميات المصدرة أو حتى الإيرادات الناتجة عنها. قصة بيع الغاز الطبيعي بأسعار زهيدة ليست إلا نموذجًا صغيرًا لفضائح نظام يرفض الاعتراف بموارده الحقيقية.

الكارثة الكبرى تكمن في حضرموت، التي تُنتج كميات ضخمة من الذهب تُصدر إلى دول الجوار دون رقابة أو شفافية. مواطنو هذه المناطق الغنية بالموارد يعيشون في فقر مدقع، بينما تُكدّس الثروات في جيوب الفاسدين، الذين أصبح همهم الأكبر جمع المزيد دون الاكتراث بالكارثة الإنسانية التي يواجهها الشعب.

المؤلم في المشهد ليس فقط حجم النهب، بل غياب المساءلة والصمت الشعبي الذي يسمح باستمرار هذه الجرائم. المواطن اليوم يشاهد حقوقه تُسرق وثروات الأجيال القادمة تُنهب، ولكنه يختار الصمت في مواجهة وضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

إن الحل الوحيد لانتشال الجنوب من براثن هذا الفساد المستشري هو ثورة شاملة ضد هذه الممارسات. يجب أن يفيق الشعب ويدرك أن الدفاع عن حقوقه هو السبيل الوحيد لبناء وطن يحمي ثرواته ويحافظ على حقوق الأجيال القادمة.

لننظر إلى رواندا كمثال حي، حيث تمكنت من النهوض من واقع مؤلم إلى دولة متحضرة تستثمر مواردها لصالح شعبها. الجنوب يمتلك كل الإمكانيات ليصبح دولة قوية ومزدهرة، ولكن ذلك لن يحدث إلا بإرادة حقيقية للتغيير، تبدأ بكنس الفاسدين واستعادة ما نُهب من أموال وأراضٍ وثروات.ووقف استنزاف خيراته ومنع تصدير كلما ينهب عبثا من نفط وغاز وذهب ومعادن وكنوز وآثار تاريخية.

إن استمرار الصمت لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة. ما يحتاجه اليمن والجنوب اليوم هو صحوة وطنية تدعو إلى المحاسبة الشفافة، واستعادة الثروات، ووضع خطط تنموية شاملة تُعزز من قيمة الموارد المحلية وتعيد بناء الوطن على أسس العدالة والمساواة.