لم تكن حرب غزة خاسرة لأن خسائرها لم تؤثر على النصر ولا تزال في حدود التوقعات ولأنها كانت بين اليهود والذين آمنوا وذلك معناه أنها كانت حرب واضحة متميزة لا تشوبها فتنة الأخوة والأصدقاء ومع عدو تجاوز عدوانه كل الحدود المشروعة والقوانين الموضوعة ومضى على عدوانه أكثر من سبعين عاما، ولم تكن خاسرة لأن الله أثنى على تضحيات المؤمنين ولم يذمها كما في قوله تعالى ( الذين لإخوانهم وقعدوا لو أطاعوا ما قتلوا... ) فصحح الله هذا المفهوم يقوله ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ولم تكن خاسرة لأنها حرب مشهودة مقرونة بالتحدي كل طرف وعد فيها بتحقيق أهدافه شهد عليها العالم كله وترقب نتائجها ليحكم عليها وينطبع في ذهن كل من تابعها تصورا عن نتيجتها أهي لصالح المسلمين أم اليهود وهل استعلى فيها الحق أم الباطل ولم تكن خاسرة لأن خسائرها وضحاياها كانت نيابة عن أمة بأكملها وخاضها أهل غزة وحدهم ولم تكن خاسرة لأنها حرب عنيفة وقاسية ومتواصلة طالت مدتها إلى عام وربع العام ولم تكن خاسرة لأنها تجلت فيها تضحيات وبطولات لإهل غزة في زمن انحطاط لا يتوقع المسلمون ولا العالم من حولهم أن يروا كهذه البطولات وذلك الاقدام من شباب بعضهم لا يتحاوز العشرين عاما يأتي يخطر خطرة النشوان لينفذ مهمته القتالية ثم يعود كأنه في مشهد تمثيلي فما كان لنا أن نرى ما حدث لو لم يبلِ الله هذة القلة المؤمنة ويمحص ما قلوبها ، ولم تكن خسرة لأن غزة كسرت أكبر عدوان عالمي عاونت فيه إسرائيل كبرى دول العالم الولايات وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهذا التحالف هو نفسه من هزم المانيا في الحرب العالمية الثانية وأجبرها بالتوقيع على الهزيمة واليوم يشترك معها ولا يحقق نفس النجاح وإنما عاد بالخيبة والهزبمة من غزة وأخيرا فقد وصلنا انتصار غزة بمجد تاريخنا الإسلامي وعزة أمتنا الذي ضاع وأهلنا لاستعادة الثقة بنفوسنا ومواصلة دورنا في الحياة
محمد العاقل
17 / رجب / 1446 هـ