آخر تحديث :الإثنين-24 فبراير 2025-01:19ص

قطار المحاسبة والتغيير في اليمن.. مسار استعادة الدولة وثرواتها المنهوبة

السبت - 11 يناير 2025 - الساعة 12:19 م
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


تعيش اليمن في مرحلة مفصلية تتطلب حراكاً جاداً وشجاعاً لإعادة بناء الدولة واستعادة الحقوق المنهوبة على مدار عقود. لا يمكن لأي مشروع وطني أن يكتمل دون محاسبة جادة لكل من تسبب في نهب ثروات الشعب واستغلال منصبه لخدمة مصالحه الشخصية والعائلية. إنها دعوة إلى العدل، إلى التسوية الوطنية، وإلى بناء دولة قائمة على النزاهة والمساواة.

المرحلة الأولى: استهداف كبار الفاسدين

لا يمكن لأي دولة أن تقف على قدميها ما لم تواجه الفساد على أعلى المستويات. المحاسبة يجب أن تبدأ بكبار المسؤولين، من رؤساء الحكومات إلى الوزراء، ومن أعضاء المجلس الرئاسي إلى قادة المؤسسات العسكرية والمدنية، مروراً بأعضاء البرلمان والمجالس الاستشارية. هؤلاء شكلوا لسنوات طويلة منظومة فساد ممنهجة ساهمت في تدمير مقدرات البلاد.

يتطلب الأمر فتح تحقيقات شاملة في جميع الثروات التي جمعتها هذه الطبقة الحاكمة، سواء كانت داخل البلاد أو خارجها. القوانين الدولية يمكن أن تساعد اليمن في استعادة الأموال المهربة للخارج، كما يمكن لتطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟" أن يكون أداة رئيسية لكشف الثروات غير المشروعة.

المرحلة الثانية: إعلان التوبة والتسوية الوطنية

لضمان نجاح هذا المشروع، يمكن إطلاق مرحلة تُعرف بـ"التسوية الوطنية وإعلان التوبة"، حيث يُمنح كل مسؤول تورط في الفساد فرصة للكشف عن أمواله المنهوبة وتسليمها للدولة طوعاً. في هذه المرحلة، لا بد من تقديم ضمانات قانونية لمن يقرر التعاون، بينما يتم التعامل بحزم مع من يرفض الانصياع.

هذه المرحلة لا تتوقف عند المسؤولين الحكوميين، بل تشمل كذلك الشخصيات النافذة، كالمشايخ والسفراء وغيرهم من المتنفذين الذين استغلوا مناصبهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

المرحلة الثالثة: استثمار الأموال المستردة

الأموال التي ستُسترد من عملية المحاسبة والتسوية يمكن أن تكون أساساً لإطلاق مشاريع تنموية تعيد الأمل للشعب اليمني. يمكن استخدام هذه الأموال لتحسين التعليم وتطوير المناهج الدراسية، وتأسيس مستشفيات حكومية ذات كفاءة عالية، وتوفير خدمات عامة ترقى لطموحات المواطن اليمني.

المرحلة الرابعة: إصلاح الوظيفة العامة

لا يمكن أن يُكتب النجاح لهذا المسار دون معالجة جذرية لاستغلال الوظيفة العامة. تعيينات الأقارب، المحاباة في السفارات، والابتعاث العشوائي للخارج كلها مظاهر للفساد يجب القضاء عليها. يتم ذلك عبر وضع معايير شفافة للتعيينات والترقيات، وتفعيل أجهزة رقابية مستقلة

إن قطار المحاسبة في اليمن لا يجب أن يتوقف حتى يتحقق الهدف المنشود: بناء دولة عادلة ونزيهة تحترم حقوق مواطنيها وتوفر لهم حياة كريمة. إنها فرصة تاريخية أمام الشعب اليمني لاستعادة دولته من أيدي الفاسدين، ووضع أسس جديدة لحكم يقوم على القانون والنزاهة. الأمر يحتاج إلى إرادة قوية، دعم شعبي، ومؤسسات قادرة على مواجهة التحديات.

قطار المحاسبة قد يكون طويلاً وشاقاً، لكنه المسار الوحيد نحو يمن جديد يتطلع أبناؤه إلى مستقبل أفضل.